122

[ أخذهم بمقطع من الآية وتفسيره بما يتعارض مع بقية الآية ]

فهذه الآية وهي قول الله تعالى: {بل يداه مبسوطتان}، [المائدة:64]، هي أعظم ما يستدل به المحرفون، مع أن الله قد فسرها بعدها مباشرة بقوله: {ينفق كيف يشاء}، لكن ذلك لا ينفع لدى المحرفين، فهم كما قلنا سابقا يأخذون كلمة واحدة من الآية، ويتركون بقية الآية.

فأخذوا كلمة: ( يداه ) وقالوا نثبت لله يداص حقيقية وتركوا: ( مبسوطتان )؛ لأنهم يعرفون أنه لو قلنا: يد الله مبسوطة، للزم أنها مبسوطة دائما؛ لأن هذه الآية وأمثالها يسمونها آيات الصفات لشدة تمسكهم بما يريدون منها.

ولكان القول بأن يد الله مبسوطة على ظاهر الآية فيه نقض لظاهر آية أخرى وهي قوله تعالى: {والله يقبض ويبسط} [البقرة:245]، فلم يبق الله متصفا بالقبض والبسط على ظاهر الآية السابقة.

وإذا نفى الإنسان أن تكون يد االله مبسوطة، فقد نفى التمدح الذي تمدح الله به في جوابه على ذم اليهود له بأن يده مغلولة.

فيظهر لك أيها المطلع أنهم أخذوا من الآية كلمة (يداه )فقط وتركوا (مبسوطتان)، لكي يركبوا لهم ربا ذا أجزاء وأبعاض، وأعضاء وحواس، تصوروه في أذهانهم.

Page 122