قلت له بعد ذلك بزمان: هلا قلت في "متى": إنه في الأصل "مَتَيْ" ثم قلبت ياؤه ألفا كما تقول في "ذا"؟
فقال: "ذا" أشبه الأسماء١ المتمكنة بأنه يوصف، ويوصف به، ولا يجوز ذلك في "متى".
وقال في موضع آخر: إنما أُميلت "متى"؛ لأنها اسم، فدخلها ما يكون أمارة للأسماء وهو الإمالة.
قال: فأما "إذا" فإنما امتنعت من الإمالة وإن كانت اسما لأنها أقعد في شبه الحرف من "متى"؛ لأنها محتاجة إلى الإضافة، مفتقرة إلى ما بعدها.
وأما "مَتَى" فهي في كلا موضعيها -الاستفهام، والشرط- غير مضافة.
فهي أشبه بالأسماء القائمة بأنفسها؛ ولذلك أميلت "بلى" لأنها تقوم بنفسها إذا قال القائل: "أما قام زيد؟ " قال له المجيب: "بلى"، فلما حسُن الوقوف عليها أُميلت، أمارة لمشابهة الاسم فيها.
قال أبو علي: وكذلك قولهم: "افعَلْ كذا وكذا إمَّا لا"، فإمالتهم "لِا" من "إمَّا لا" إنما هو لأن معناه: افعلْ كذا وكذا إن كنت لا تفعل غيره. فلما حذف الفعل وأقيمت "لا" مقامه وأغنت عنه، أميلت لمشابهتها الفعل.
وكذلك كان يقول في قولهم: "يا زيد": إنها٢ إنما أميلت؛ لأنها قامت مقام "أدعو، وأنادي" ولأجل الياء أيضا.
وحكى قطرب عن بعضهم: "لِا أفعل كذا" ممالة. وإنما جاز هذا فيها عندي؛ لأنها قد تكون جوابا فتقوم بنفسها في نحو قولك جوابا: لهل قام زيد؟ "لِا". فلما قامت بنفسها أميلت كما قدمنا، إلا أن إمالة "بلى" أشبه من