Munqidh
المنقذ: قراءة لقلب أفلاطون (مع النص الكامل للرسالة السابعة)
Genres
معرفة الوجود الخالد الحق والمشاركة فيه لإنقاذ الوجود الأرضي المحسوس بقدر الإمكان، تلك هي مشكلة أفلاطون.
ليست مشكلته هي الخلاص من الثاني وإفناؤه، ولا الاتحاد مع الأول والفناء فيه، «فهذه آثار فلسفة أفلوطين وشراحه على التصور الشائع عن أفلاطون!» بل حمل النفس على المشاركة فيه، «من هنا تأتي وظيفة التربية وتقسيم العلوم».
عالم الحس والتجربة هو عالم التغير والفساد، والحركة والفناء، كل ما هو جسدي محسوس، وطبيعي مادي ليس وجودا حقا، إن له صورة، لكنه ليس صورة، «لهذا أخطأ الفلاسفة (الطبيعيون) في البحث داخل هذا العالم عن أصله ومبدئه، عن سببه وجوهره ...» فالوجود الحق في المثل أو الصور، في الأفكار أو الأنواع «صورة الدائرة، العدالة، المساواة ... إلخ».
1
ارتباط الطبيعة بالأخلاق: من تعلق بهذا العالم الحسي أصبحت القيم الأخلاقية عنده متغيرة وقابلة للتحول. لا عدل ولا حق ولا واجب، بل كلمات تغوي وتؤثر، كل شيء كما يبدو لكل إنسان. أوضح من عبر عن هذا كالليكيليس في «جورجياس» وثرازيماخوس في «الجمهورية»، من هنا كان فساد السفسطائيين، وانحلال أثينا، وتضليل الجماهير بالكلمات. من هنا كان خداع كل الدجالين، ينتظر الناس الحق فلا يجدون، غير بريق الكلم الزائف من فم مجنون.
الهوية هي مجال الوجود الحق، مجال «الموضوعية» حين يعرف العقل حقائقه. والغيرية «أو الأقل والأكثر» هي مجال الصيرورة، مجال النسبية التي لا يستطيع العقل أن يثبت فيها، واللاوجود - أو الموجود في الظاهر فحسب - بينهما هوة وانفصال، وانشقاق وثنائية حاسمة، هل يمكن أن يلتقيا؟!
الأساس الأكبر لفلسفة أفلاطون هو هذا الانفصال التام، هذه الثنائية الحاسمة، هذه الهوة السحيقة
2
بين عالم الوجود وعالم الصيرورة، والمشاركة
3
Unknown page