Mukhtaṣar Ṣifat al-Ṣafwa li-Ibn al-Jawzī
مختصر صفة الصفوة لابن الجوزى
Genres
قال: فلما دنوا من أرض العدو قال الأمير: لا يشذن أحد من العسكر. قال فذهبت بغلته بثقلها فأخذ يصلي. فقالوا له: إن الناس قد ذهبوا فمضى ثم قال: دعوني أصلي ركعتين. فقالوا: الناس قد ذهبوا. قال إنهما خفيفتان. قال: فدعا ثم قال: اللهم إني أقسم عليك أن ترد بغلتي وثقلها. قال: فجاءت حتى قامت بين يديه. قال: فلما لقينا العدو وحمل هو وهشام بن عامر فصنعا بهم طعنا وضربا وقتلا. فكسر ذلك العدو فقالوا: رجلان من العرب صنعا بنا هذا فكيف لو قاتلونا? فأعطوا المسلمين حاجتهم.
عن أبي السليل: أن صلة بن أشيم حدثه قال: كنت أسير على دابة لي إذ جعت جوعا شديدا فلم أجد أحدا يبيعني طعاما وجعلت أتحرج أن أصيب من أحد من الطريق شيئا. فبينما أنا أسير حسبت أنه قال: أدعو ربي عز وجل وأستطعمه. إذ سمعت وجبة من خلفي فالتفت فإذا أنا بمنديل أبيض فنزلت عن دابتي فأخذت الثوب فإذا فيه دوخلة ملأى رطبا. قال: فأخذته وركبت دابتي فأكلت منه حتى شبعت وأدركني المساء فنزلت إلى راهب في دير له فحدثته الحديث. قال: فاستطعمني من الرطب فأطعمته رطبا: ثم إني مررت على ذلك الراهب فإذا نخلات حسان حمال فقال: إنهن لمن رطباتك التي أطعمتني. وجاء بالثوب إلى أهله فكانت امرأته تريه الناس.
عن رجل من بني عدي قال: لما أهديت معاذة إلى صلة أدخله ابن أخيه الحمام ثم أدخله بيتا مطيبا فقام يصلي فقامت فصلت. فلم يزالا يصليان حتى برق الفجر. قال: فأتيته فقلت: أي عم أهديت إليك ابنة عمك الليلة فقمت تصلي وتركتها? فقال: أدخلتني أمس بيتا أذكرتني به النار، ثم أدخلتني بيتا أذكرتني به الجنة، فما زالت فكرتي فيهما حتى أصبحت.
قال صلة بن أشيم لمعاذة: ليكن شعارك الموت فإنك لا تبالين على يسر أصبحت من الدنيا أم على عسر.
قال الحسن: مات أخ لنا فصلنا عليه. فلما وضع في قبره ومد عليه الثوب جاء صلة بن أشيم فأخذ بناحية الثوب ثم نادى: يا فلان ابن فلان:
Page 274