91

Mukhtasar Sawaciq Mursala

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Investigator

سيد إبراهيم

Publisher

دار الحديث

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Publisher Location

القاهرة - مصر

Genres

أَيْ جَاءَ فِي دُبُرِهِ، وَعَسْعَسَ بِأَقْبَلَ، فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَكُونُ الْقَسَمُ بِإِقْبَالِ اللَّيْلِ وَإِقْبَالِ النَّهَارِ، وَقَدْ يُقَالُ: وَقَعَ الْإِقْسَامُ فِي الْآيَتَيْنِ بِالنَّوْعَيْنِ. وَأَمَّا الْبَيَانُ الَّذِي يُحِيلُ الْمُتَكَلِّمُ عَلَيْهِ، فَكُلَّمَا أَحَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَى رَسُولِهِ فِي بَيَانِ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ مِنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ، وَفَرَائِضِ الْإِسْلَامِ الَّتِي إِنَّمَا عُلِمَتْ مَقَادِيرُهَا وَصِفَاتُهَا وَهَيْئَاتُهَا مِنْ بَيَانِ الرَّسُولِ ﷺ فَلَا يَخْرُجُ خِطَابُ الْقُرْآنِ عَنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ، فَصَارَ الْخِطَابُ مَعَ بَيَانِهِ مُفِيدًا لِلْيَقِينِ بِالْمُرَادِ مِنْهُ، كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بَيَانُهُ مُتَّصِلًا بِهِ. الْخَامِسُ وَالْخَمْسُونَ: أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ الَّذِي قَالَهُ أَصْحَابُ هَذَا الْقَانُونِ لَمْ يُعْرَفْ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ طَوَائِفِ بَنِي آدَمَ، وَلَا طَوَائِفِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا طَوَائِفِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ قَبْلَ هَؤُلَاءِ، وَذَلِكَ لِظُهُورِ الْعِلْمِ بِفَسَادِهِ، فَإِنَّهُ يَقْدَحُ فِيمَا هُوَ أَظْهَرُ الْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ لِجَمِيعِ الْخَلْقِ، فَإِنَّ بَنِي آدَمَ يَتَكَلَّمُونَ وَيُخَاطِبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا مُخَاطَبَةً وَمُكَاتَبَةً، وَقَدْ أَنْطَقَ اللَّهُ تَعَالَى بَعْضَ الْجَمَادَاتِ وَبَعْضَ الْحَيَوَانَاتِ بِمِثْلِ مَا أَنْطَقَ بَنِي آدَمَ، فَلَمْ يَسْتَرِبْ سَامِعُ النُّطْقِ فِي حُصُولِ الْعِلْمِ وَالْيَقِينِ بِهِ، بَلْ كَانَ ذَلِكَ عِنْدَهُ مِنْ أَعْظَمِ الْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ، فَقَالَتِ النَّمْلَةُ لِأُمَّةِ النَّمْلِ: ﴿يَاأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ [النمل: ١٨] فَلَمْ يَشُكَّ النَّمْلُ وَلَا سُلَيْمَانُ فِي مُرَادِهَا وَفَهِمُوهُ يَقِينًا، وَلَمَّا عَلِمَ سُلَيْمَانُ مُرَادَهَا يَقِينًا تَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا، وَخِطَابُهُ الْهُدْهُدَ فَحَصَلَ لِلْهُدْهُدِ الْعِلْمُ وَالْيَقِينُ بِمُرَادِ سُلَيْمَانَ مِنْ كَلَامِهِ. وَأَرْسَلَ سُلَيْمَانُ الْهَدِيَّةَ وَالْكِتَابَ، وَفَعَلَ مَا حَكَى اللَّهُ لَمَّا حَصَلَ لَهُ الْيَقِينُ بِمُرَادِ الْهُدْهُدِ مِنْ كَلَامِهِ، وَأَنْطَقَ سُبْحَانَهُ الْجِبَالَ مَعَ دَاوُدَ بِالتَّسْبِيحِ وَعَلَّمَ سُلَيْمَانَ مَنْطِقَ الطَّيْرِ، وَأَسْمَعَ الصَّحَابَةَ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأَسْمَعَ رَسُولَهُ تَسْلِيمَ الْحَجَرِ عَلَيْهِ، أَفَيَقُولُ مُؤْمِنٌ أَوْ عَاقِلٌ: إِنَّ الْيَقِينَ لَمْ يَحْصُلْ لِلسَّامِعِ بِشَيْءٍ مِنْ مَدْلُولِ هَذَا الْكَلَامِ.

1 / 105