Mukhtasar Ma'arij al-Qubool
مختصر معارج القبول
Publisher
مكتبة الكوثر
Edition Number
الخامسة
Publication Year
١٤١٨ هـ
Publisher Location
الرياض
Genres
كما سيأتي في أحاديث الشفاعة إن شاء الله تعالى، وَأَنَّ هَؤُلَاءِ الْعُصَاةَ يُسْكِنُونَ الطَّبَقَةَ الْعُلْيَا مِنَ النَّارِ عَلَى تَفَاوُتِهِمْ فِي مِقْدَارِ مَا تَأْخُذُ مِنْهُمْ. وَجَاءَ فِيهَا آثَارٌ أَنَّ هَذِهِ الطَّبَقَةَ تَفْنَى بَعْدَهُمْ إِذَا أُخْرِجُوا مِنْهَا وَأُدْخِلُوا الْجَنَّةَ وليأتين عَلَيْهَا يَوْمٌ وَهِيَ تُصَفِّقُ فِي أَبْوَابِهَا لَيْسَ بِهَا أَحَدٌ، وَعَلَى ذَلِكَ حَمَلَ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ الِاسْتِثْنَاءَ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ﴾ (١) الْآيَةَ: وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ مَا وَرَدَ من آثار الصحابة.
-أقوال بعض أهل الضلال فيما يتعلق بالجنة والنار:
١-قال ابن عربي إمام الاتحادية محيى الزَّنْدَقَةِ وَالْإِلْحَادِ فِي آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى: إِنَّ أَهْلَهَا يُعَذَّبُونَ فِيهَا ثُمَّ تَنْقَلِبُ طَبِيعَتُهُمْ وَتَبْقَى طبيعتهم النَّارِيَّةِ يَتَلَذَّذُونَ بِهَا لِمُوَافَقَتِهَا طَبْعَهُمْ.
٢-وَقَالَ الْجَهْمُ وشيعته: إن الجنة والنار تفنيان كلتاهما لِأَنَّهُمَا حَادِثَتَانِ، وَمَا ثَبَتَ حُدُوثُهُ اسْتَحَالَ بَقَاؤُهُ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ الْفَاسِدِ فِي مَنْعِ تَسَلْسُلِ الْحَوَادِثِ وَبَقَائِهَا بِإِبْقَاءِ اللَّهِ تَعَالَى لَهَا.
٣-وَقَالَ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْقَدَرِيَّةِ: لَمْ يَكُونَا الْآنَ مَوْجُودَتَيْنِ بَلْ يُنْشِئُهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَحَمَلَهُمْ عَلَى ذَلِكَ أَصْلُهُمُ الْفَاسِدُ الَّذِي وَضَعُوا بِهِ شَرِيعَةً لِمَا يَفْعَلُهُ اللَّهُ وَأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَ كَذَا وَلَا يَنْبَغِيَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ كَذَا، قِيَاسًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ في أفعالهم. وَقَالُوا: خلْق الْجَنَّةِ وَالنَّارِ قَبْلَ الْجَزَاءِ عَبَثٌ لأنها تصير معطلة مددًا متطاولة.
٤-وَقَالَ أَبُو الْهُذَيْلِ الْعَلَّافُ: تَفْنَى حَرَكَاتُ أَهْلِ الجنة وَيَصِيرُونَ جَمَادًا لَا يُحِسُّونَ بِنَعِيمٍ وَلَا أَلَمٍ.
وكل هذه الأقوال مخالفة لصريح المنقول وصحيح المعقول ومحادة ومشاقة
(١) قال تعالى: ﴿فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد﴾ [هود: ١٠٦، ١٠٧] .
1 / 262