170

Mukhtaṣar al-ʿuluww li-l-ʿAlī al-Ghaffār

مختصر العلو للعلي الغفار

Editor

محمد ناصر الدين الألباني

Publisher

المكتب الإسلامي

Edition Number

الطبعة الثانية ١٤١٢هـ

Publication Year

١٩٩١م.

Genres

"لا يعرف للصحابة ﵃ الخوض في القرآن".
وعلق عليه البيهقي في "الأسماء" فقال "ص٢٤٤".
"قلت: إنما أراد به أنه لم يقع في الصدر الأول ولا الثاني من يزعم أن القرآن مخلوق، حتى يحتاج إلى إنكاره، فلا يثبت عنهم شيء بهذا اللفظ "غير مخلوق"، لكن قد ثبت عنهم إضافة القرآن إلى الله تعالى وتمجيده بأنه كلام الله تعالى".
وأما ما روه البيهقي "ص٢٤٧" عن ابن المديني أنه قال في أثر جعفر الصادق المتقدم برقم "١٤٤": "ليس بخالق ولا مخلوق".
"لا أعلم أنه تكلم بهذا الكلام في زمان أقدم من هذا".
قلت: فهو على ما أحاط به علمه، فإن عمر بن دينار أقدم من جعفر كما تعرف مما سبق من ترجمتهما. على أنه قد روي مثله عن علي بن الحسين زين العابدين كما تقدم في الترجمة "١٣" وكانت وفاته سنة "٩٣" فهذا أقدم وفاة منهما، لكن في السند إليه ضعف كما سبق.
١٧٣- قلت: وهذا القول باطل ظاهر البطلان، وكأنه لذلك لم يتعرض المصنف لرده، لكن لا بد لنا في هذا التعليق من الإشارة إلى بعض الآيات التي استدل بها أهل الحديث على بطلانه، فقد قالوا ما ملخصه: إن لفظة "جعل" لا تأتي بمعنى "خلق" كلما ذكرت، وفي أي مكن وقعت، كقوله تعالى: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ﴾، فليس هنا بمعنى الخلق قطعا، بل إن الله تعالى قد أضاف هذه اللفظة إلى بعض المخلوقين فقال في يوسف علي السلام: "جعل السقاية في رحل أخيه" بل قال في المشركين: ﴿وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا﴾ فهل المعنى أن المشركين خلقوا الملائكة ...؟! تعالى الله عن تفسير المبتدعة لكلامه علوا كبيرا.
فإذا تبين هذا كان لا بد من تفسير اللفظة المذكورة بالنظر إلى الموضع الذي وردت فيه، فإن كان قوله تعالى: ﴿جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ إنما هو القرآن قطعا، وكان القرآن من كلامه تعالى قطعا، وكان كلامه صفة من صفاته، وصفاته تعالى كلها أزلية غير مخلوقة كذاته، لم يجز حينئذ أن تفسر هذه اللفظة بما ينافي هذه الأمور المقطوع بها، قالوا: فالمعنى: إن الله تعالى لما كان يعلم الألسنة كلها وهو قادر على أن يتكلم بما شاء منها متى شاء، فإن شاء تكلم كما جعل التوراة والإنجيل عبريا من كلامه، ذلك لأنه أرسل كل رسول بلسان قومه ليبين لهم، كما قال تعالى في كتابه. فمعنى قوله "جعلناه": صرفناه من لغة إلى أخرى، وليس خلقناه. انظر الرد على المريسي "ص١٢٣-١٢٤".

1 / 175