Muhammad Iqbal
محمد إقبال: سيرته وفلسفته وشعره
Genres
وسأجمل القول فيها على إجمالها؛ يبدأ إقبال المقدمة بقوله؛
هذه الوحدة الوجدانية أو نقطة الشعور المنيرة التي تستنير بها أفكار الإنسان وعواطفه ورغباته، أمر تحيطه الأسرار، ينظم ما في فطرة الإنسان من كيفيات متفرقة غير محدودة.
ما هذا الشيء الذي نسميه «أنا» أو «خودي» أو «مين»
2
الذي يبدو في أعماله ويخفى في حقيقته، والذي يخلق كل المشاهدات، ولكن لطافته لا تحتمل المشاهدة؟ أهو حقيقة دائمة أم أن الحياة تجلت في هذا الخيال الخادع، وهذا الكذب النافع، تجليا عرضيا لتحقيق مقاصدها العملية الراهنة؟
إن سيرة الأفراد والجماعات موقوفة على جواب هذا السؤال ... ولكن جواب هذا السؤال لا يتوقف على المقدرة الفكرية في الآحاد والجماعات، كما يتوقف على طباعها وفطرتها. فأمم الشرق المتفلسفة أميل إلى أن تعتبر «أنا» في الإنسان من خداع الخيال. وهي تعد الخلاص من هذا الغل نجاة. وميل أهل الغرب إلى العمل ساقهم إلى ما يلائم طباعهم في هذا البحث.
ويمضي إقبال في مقدمته قائلا:
اختلطت في عقول الهنادك وقلوبهم، النظريات والعمليات اختلاطا عجيبا. ودقق حكماؤهم في حقيقة العمل، وانتهوا إلى هذه النتيجة: إن حياة «أنا» المسلسلة، وهي أصل المصائب والآلام، منشؤها العمل، وإن حالة النفس الإنسانية نتيجة محتومة لأعمالها.
ولا ريب أن آراءهم جديرة بالإعجاب من جهة الفلسفة، ولا سيما جرأتهم على قبول كل نتائج القضية، وقولهم إنه لا سبيل إلى الخلاص من شرك «أنا» إلا ترك العمل.
ولكن في هذا خطرا عظيما في حياة الواحد والجماعة. فلم يكن بد من أن يظهر في الهند مجدد يبين حقيقة المقصود من «ترك العمل». وكان هذا المجدد شري كرشن. فقد بين أن ليس المقصود ترك العمل حقا، فالعمل مقتضى الفطرة وفيه قوة الحياة، بل المقصود ألا يربط قلب الإنسان بالعمل ونتائجه. وتبع هذا المجدد آخر هو شري رام نوج، ولكن جاء على أثرهما شري شنكر أجاريه فخالفهما، وحرم الناس من ثمرات هذا التجديد.
Unknown page