112

Mudkhal Kabir

Genres

فأما الذي ذكرنا من حالات أرض البحر والمياه فإنما قلنا ذلك لأن أرض البحر ومياهها مختلفة الحال والمواضع التي تكون غير عميقة ولا صلبة ولا يكون فيها جبال يكون بخارها ورياحها ليست بالكثيرة والمواضع التي تكون عميقة عريضة طو يلة ويكون مياهها غليظة مالحة ومرة فإنها تكثر البخارات والرياح في تلك المواضع فلهذه العلة صار ابتداء قوة المد وغلبة الماء ئنما إنما يكون من كل موضع عميق واسع يكون الغالب على أرضه كثافة الأجزاء أو كثرة الجبال فإذا ابتدأت قوة المد من مثل هذه المواضع لكثرة البخار والرياح اللذين فيه اتصل ذلك بماء البحر فصار فيه كله المد لما فيه من البخار والرياح التي تولدت من ملوحته ومرارته ويبسه ولما في القمر من الطبع المحرك لذلك الماء بكنهه ولما ينال من البحر كله من قوة حركة المياه التي في تلك المواضع التي يكون فيها ابتداء قوة المد وإذا كانت أرض البحر قليلة الجبال أو كانت متخلخلة ينفذ الماء منها إلى غيرها من البحار والمواضع أو كان ذلك الماء يتبين فيه ما ينصب فيه من المياه أو ما يخرج منه أو كان الماء متحركا لطيفا منتقلا كالأودية والأنهار والعيون فإنه لا يكثر اجتماع الرياح فيها لأنه يتحلل ويتنفس الريح التي في الماء وتخرج جزءا بعد جزء أولا فأولا مع حركة الماء وانتقاله ويتفرق ولا يجتمع في ذلك الماء من الريح ما يرفعه فإذا علاه القمر وحركه لا يكون فيه المد والجزر ولكن تكون فيه رياح وأمواج فلهذه العلة لا يتبين في كثير من البحار ولا في شيء من الأودية والأنهار والعيون المد والجزر

وأيضا فإن المياه الجارية لطيفة رقيقة فإذا حركها القمر وفترت لم يبق فيها تلك الفتورة لرقتها وإذا تحللت لم يزد ذلك التحلل فيها إلا شيئا قليلا ولا يكون فيها الأرياح قليلة جدا فأما المياه الغليظة المالحة فإنها لملوحتها ومرارتها يكون فيها يبس ورياح كثيرة فإذا تحركت وفترت وحميت بقيت تلك الفتورة فيها لغلظها وتحللت وزاد ذلك التحلل في مائيتها زيادة كثيرة فكان ذلك سببا لقوة المد كما ذكرنا

فأما العلة في ابتداء المد إذا صار القمر إلى المغرب ودوامه إلى أن يبلغ القمر إلى وتد الأرض فذلك لثلاث جهات إحداها أن خط المشرق مواز لخط المغرب وكل درجة يتباعد القمر من المشرق صاعدا إلى وسط السماء موازية لكل درجة يتباعد القمر منها من المغرب إلى وتد الأرض ويكون بعد تلك الدرجة من المغرب مثل بعد الدرجة الموازية لها من المشرق وكل الربع الذي من المشرق إلى وسط السماء مواز مشاكل لكل الربع الذي من المغرب إلى وتد الأرض فلاتفاق الربع الذي من الطالع إلى وسط السماء والربع الذي من المغرب إلى وتد الأرض يتفق أن يكون في أحدهما من المد وإقبال الماء من المشرق مثل ما في الآخر

Page 276