وقد ثبت أيضا أن معظم هذه المنازل السافلة تزاول تلك الأعمال الشائنة منذ أكثر من عشرين سنة تحت بصر البوليس وسمعه.
وفي الختام لا يسعني إلا أن أبدي شكري للحكومة المصرية الحاضرة؛ لأنها اهتمت بتلك القضية، ولم تدخر وسعا في محاكمة المتهمين الأصليين وإحالة الضباط الذين اشتركوا في تلك الفظائع وأهملوا في تطبيق القانون عمدا على مجلس التأديب، إذ كان تصرفهم سببا في ذيوع الدعارة في عاصمة الديار المصرية إلى درجة سريعة. لست أستطيع أن أتصور كيف أن الحكومات التي عهد إليها بالسهر على الأمن العام والأخلاق العامة؛ تسمح بوجود هذه المنازل العامة، في حين أن الأزمة الحاضرة التي نجتازها عقب فقد الملايين الكثيرة من الفتيان الذين سقطوا في ميدان الشرف أثناء الحرب الكبرى، تتطلب التشجيع على الزواج؛ لتكثير عدد السكان الذي تحول دون كثرته هذه المنازل، وإنا لنرجو أن تحتذي حكومات العالم كله ببريطانيا العظمى وسويسرا فتحظر وجود هذه المنازل.
وإني لأرجو المؤتمر أن يتناول تلك المسألة بعين الاعتبار، وأن يضعها في مقدمة المسائل، وأن يسعى السعي اللازم لدى الحكومات ليفوز بمحو تلك البؤر الخبيثة.
أما في مصر فإن وجود الامتيازات الأجنبية يحول دون تشريع يقضي بمحو هذه المنازل إذا كان أصحابها من الأجانب، ولذلك فإني أطلب إلى المؤتمر أن يتدخل لدى الحكومات صاحبات الامتياز وأن يطلب إلى الدول أن تسمح للحكومة المصرية بأن تغلق هذه المنازل.
وإني أختم كلمتي بأن أرجو المؤتمر أن يغضي عن صراحتي فيما لاحظت إذ كنت أكثر مما يجب، فإني معتمدة على الاعتقاد الجازم والنزاهة الصادقة اللتين تخالجان المؤتمر للسعي إلى غايته. لم أتردد في أن أصرح فيما صرحت، ولو أني الشرقية الوحيدة التي حظيت بالمثول في تلك الجمعية الموقرة، فأنا مصرية ومن بلد تحميها حضارتها وتدفعها عواطفها الإنسانية الجمة الفياضة دائما إلى أن تعنى بالصالح العام قبل صالحها الخاص. ولكم في ذلك المثل قناة السويس التي هي اليوم بالنسبة لمصر مصدر للشقاء. إني أعتقد أن عملا إنسانيا كالذي نسعى إليه هنا هو قضية، لا تفريق فيها بين الجنس والوطن.
وقد نشرت جريدة الأخبار هذا الخطاب كاملا بتاريخ 25 سبتمبر 1924 وقالت تعليقا عليه: «وقد حاز خطاب السيدة الجليلة استحسانا جما، وقوطعت بالتصفيق مرارا. وأرسلت جمعية الطلبة المصرية بباريس تلغرافا إلى عصمتها تشكر فيه لها جهودها لخير الوطن ولمصلحة البلاد.»
لجنة المقاطعة
عدت إلى مصر دون أن أجد أي تقدم وتطور في المسألة المصرية، وبخاصة فيما يتعلق بالسودان. كان الزعماء قد انشغلوا بمسائل تتعلق بأشخاصهم دون أن يعطوا كثير اهتمام لقضايا البلاد، وكانت الجماهير قد انقسمت إلى سعديين وعدليين؛ لدرجة أن الصحافة أخذت تسخر من هذه الأوضاع، وتعبر عن مدى اهتمام المرأة بقضية السودان وتطالب الزعماء بأن يهتموا إزاء ذلك بنهضة النساء وترقية المرأة.
وقد دعوت النساء المصريات إلى اجتماع في منزلي يوم الخميس 30 أكتوبر 1924. وقررنا في هذا الاجتماع ما يلي: (1)
الاحتجاج على الحكومة الإنجليزية بشأن تصرفها الأخير في المسألة المصرية وبالأخص مسألة السودان، وأن يبلغ هذا الاحتجاج إلى الحكومتين المصرية والإنجليزية. (2)
Unknown page