المياه
المياه هي العامل المحدد للزراعة. وقد حفرت آبار كثيرة في الفرافرة معظمها يصل إلى أعمال 800-900 متر، وأثبت بالفعل أن هناك طبقة حاملة للمياه عند هذه الأعماق تعود إلى تكوينات الحجر الرملي النوبي، وتندفع المياه بالضغط الطبيعي منذ بضع سنوات، كما أن هناك طبقة أخرى حاملة للمياه في التكوينات الجيرية أعلى الرملي النوبي. وتشير دراسة كمال فريد سعد: (الموارد المائية في الصحراء الغربية - معهد الصحراء 1985 الجزء الثالث) أنه يمكن الحصول على نحو 700 مليون متر مكعب مياه سنويا في الفرافرة، لكن هناك بطبيعة الحال اختلافات في تصرف الآبار بعضها عن البعض الآخر. فمثلا في منطقة أبو منقار نجد الآبار 1، 6، 7، 8، قوية، وحوض تصريفها يشتمل على 320 فدان لكل منها، بينما آبار 2، 3، 4 أقل تصرفا وتروي كل منها ما بين 260-280 فدانا فقط. وهناك الآبار 10 إلى 13 في طريقها للتجهيز والعمل. وإلى جانب هذه الآبار الإنتاجية هناك آبار اختبارية لمعرفة تصرف البئر وقدراته مثل بئري 3 و4 في الدغيل بالمنطقة الشمالية. أما في مشروع مستوطنة الوادي في القطاع الأوسط فقد قل التصرف فجأة عام 94 / 95 بحيث أصبحت هناك مشكلة زراعية!
والمياه برغم تدفقها الإيجابي في معظم منطقة الفرافرة إلا أن الرقابة قليلة وعدد الفنيين قليل، والآبار تتدفق مياهها دون أن تكون هناك تجهيزات للتحكم في كمية التدفق باستثناء وسائل ميكانيكية بسيطة تقلل اندفاع الماء، وذلك ربما خوفا من انهيار البئر، كما لا توجد تجهيزات تخزين والنتيجة أن المياه تنطلق في الترع حتى في الأوقات التي لا تحتاجها الزراعة، ومن ثم حفرت في الفرافرة برك لصرف المياه في الشمال والوسط، وفي الشمال علت مياه برك الصرف عن منسوب المياه في المصارف، مما أدى إلى إنشاء محطة طلمبات بها ثلاث مضخات كل منها قوته 20 حصانا، تعمل معا أو بالتناوب لرفع مياه الصرف إلى بركة الصرف. وقد اتسعت بركة الصرف كثيرا وملأها البوص والغاب وشتى نبات الماء. وجاءت فكرة تحويل البرك إلى مزارع سمكية: نجحت في الشمال ولكن الصياد يقاسي عنتا وسط النباتات لكي يصل إلى صيده. ولا يفوتنا أن نقول: إن الكثير من المياه التي تضخ في برك الصرف هي مياه عذبة متدفقة من الآبار في مواسم عدم الاحتياج للزراعة، وإن الكثير من الفلاحين من فئة واضعي اليد - وخاصة في القطاع الشمالي - يقومون بالزراعة على طول المصارف لصلاحية المياه مما يساعد على تقليل عرض بعض المصارف، وهو ما يؤدي لسرعة ارتفاع مياهها فوق جوانبها!
ولا شك في أن هناك إهدارا للمياه حاليا، فالأرض التي يمكن الامتداد فيها لم تتم تجهيزا، والناس الذين يمكن أن يزرعوا الامتدادات - بدلا من الجوانب الملاصقة للترع والمصارف - غير موجودين عدديا بالوفرة المطلوبة أو القدرة المالية والكفاءة الفنية اللازمة لاستزراع أراض جديدة.
والقول الشائع بين المستثمرين والمنتفعين أن: «مستقبل الماء هو على الله.» وإن المتوقع أن يقل ضغط هذه الآبار الارتوازية كثيرا في نحو عقدين، وحينئذ يحتاج الأمر إلى استخدام المضخات لسحب المياه، فهل هذه تكون بداية النهاية للزراعة المزدهرة والمياه المتدفقة كما حدث من قبل في الواحة الخارجة؟ ولحسن الحظ فإن العيون الطبيعية تتغذى من طبقة الماء في الصخر الرملي النوبي، ومن ثم تبقى أسس الحياة الواحية - إلا إذا تمرد عليها السكان الملاك مقابل وظائف وأعمال العصر الحالي.
والخلاصة أن هناك تضاربا بين الوضع المائي الحالي المفرط وبين الصورة المتشائمة للغد. ولكن علينا أن نتذكر أن الفوضى المائية الحالية ربما هي وليدة السنوات الأولى للمشروع، حيث إن أبعاد كل شيء ليست مدركة تماما، والمنفذون حائرون بين نتائج التدفق الكبير واحتياجات الناس في الإنتاج المحصولي. الأمور ليست في نصابها بعد، والقليل من الروتين سوف يجعل الرؤية أكثر وضوحا أمام الإداري والمنتفع والمستثمر فتأخذ الأمور أوضاعا واضحة على جانب من الاستقرار. (3-6) أعداد السكان
إذا أخذنا تعداد 1986 على أنه مؤشر لعدد سكان الواحة بدون المهاجرين الذي بدءوا في التوافد الكبير في أواخر النصف الثاني من الثمانينيات، فإن العدد كان 2435 شخص في المنطقة المركزية والواحة الصغيرة جنوبها المعروفة باسم حطية الشيخ مرزوق. ويذكر صبري حمد (المردود السكاني للتنمية في واحة الفرافرة - مجلة كلية الدراسات الإسلامية، جامعة الأزهر، عدد 13 لسنة 1995، ص163-203) أن عدد السكان في مستوطنات الإصلاح بلغ «في سبتمبر 1994» نحو 4344 شخصا، وفي المسح العام الذي أجريته في نوفمبر 1995، كان العدد الاجتهادي على النحو الآتي: سكان القطاع الشمالي نحو 3000 شخص، القطاع الأوسط نحو 2200 شخص، والقطاع الجنوبي نحو 1200 شخص، فضلا عن نحو 2500 شخص في المنطقة المركزية ونحو 150 شخصا في الشيخ مرزوق، فيصير إجمالي السكان الآن نحو ثمانية إلى تسعة آلاف شخص.
والملاحظ أن أرقام السكان - وكذا مساحة الأرض المزروعة - هي أرقام زئبقية لأسباب منها: (1)
أن عدد الخريجين على الورق أكثر منه في الواقع برغم الميزات الكثيرة التي تعطى للخريج الحائز: بيت مستقل من غرفة وصالة ومنافع وحديقة كما أضاف بعض الخريجين غرفة وزربية، فضلا عن معونة شهرية مالية قدرها 50 جنيها و50 كجم جبن، وشاي وزيت بالإضافة إلى قروض ميسرة من الجمعية الزراعية لشراء بقر وأغنام بحد أقصى خمسة رءوس في حدود 10 إلى 12 ألف جنيه + سلفيات دواجن. وهناك أسباب كثيرة لهذه الإحجام عن الممارسة الزراعية للحائز بعضها حواجز نفسية والآخر حواجز بيروقراطية فضلا عن ضعف الممارسة الزراعية لدى الكثير من الخريجين. (2)
عدد الأعضاء المستثمرين في الجمعيات الزراعية ليس هو العدد المقيم دائما. مثلا في جمعية أبو الهول نحو 120 مستثمرا (لكل الآن نحو 14 فدانا + 10 أفدنة مرحلة ثانية)، لكن المقيمين هم نحو 42 مستثمرا بالإضافة إلى نحو عشرين مستثمرا يترددون بين الحين والآخر حسب موسم العمل الزراعي، خاصة إذا كان قد انتهى من بناء دار تأويه، كذلك يشرف البعض على زراعات البعض بالتناوب. (3)
Unknown page