Mirʾat al-ginan waʿibrat al-yaqzan fi maʿrifat ma yuʿtabar¶ min hawadit al-zaman
مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر¶ من حوادث الزمان
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
Publisher Location
بيروت - لبنان
وحنكه رسول الله ﵌، وكان اول ما دخل بطنه ريق رسول الله ﵌، وسماه عبد الله، وكان صوامًا قوامًا منطاقًا فصيحًا بطلًا شجاعًا.
قيل: كان حجر المنجنيق يصيب ثوبه وهو ساجد فلا يرفع رأسه، ويأكل أكلة واحدة ما بين مكة والمدينة، ولما طال الحصار على أصحابه وتفرقوا عنه، دخل على أمه أسماء بنت الصديق ﵃ فأخبرها أن أصحابه قد تفرقوا عنه وأن خصومه قالوا له: ان شئت سلم نفسك لعبد الملك بن مروان يرى فيك رأيه ولك الأمان، واستشارها في ذلك، فقالت له: يا ولدي إن كنت قاتلت لغير الله فقد هلكت وأهلكت، وإن كنت قاتلت لله فلا تسلم نفسك لبني أمية يلعبون بك، فإن قلت: لم يبق معي معين على القتال، فلعمري إنك معذور، ولكن شأن الكرام أن يموتوا على ما عاشوا عليه، فخرج من عندها حينئذ إلى أن التقى جيوش عبد الملك في أعلى مكة فحمل عليهم. وقال رضوان الله تعالى عليه ولو كان قرني واحدًا لكفيته فأجابه واحد منهم نعم وألفًا يا غلام، ولم يزل يقاتل إلى أن أصابه في رأسه رمية فراخ رأسه ووقع، فصاحت مولاة لآل الزبير واأميراه! فعرفوه، ولم يكونوا عرفوه في ذلك الحال لما عليه من لباس الحرب، فقصدوه في كل مكان، فقتلوه، قاتلهم الله ثم وقف عليه أميرهم الحجاج وأمير آخر معه، قال ذلك الأمير: ما ولدت بنات آدم أذكر من هذا الرجل يعني أفحل منه فقال له الحجاج: اتقول فيه هذا القول وقد خالف أمير المؤمنين وخرج عن طاعته؟ يعني عبد الملك بن مروان. فقال: ان هذا لا عذر لنا عند أمير المؤمنين، وإلا فما عذرنا في قتلنا له؟ اشهرًا وهو يربي علينا فيها بالغلبة. قال الشيخ محيي الدين النواوي رحمة الله عليه في شرح مسلم فذهب لحل الحق: ان ابن الزبير كان مظلومًا، وإن الحجاج ورفقته كانوا خوارج عليه وروي أنه لما ولد كبر الصحابة، ولما قتل كبر أهل الشام، فقال ابن عمر: الذين كبروا على مولده خير من الذين كبروا على قتله، وكان قد ملك الحجاز واليمن والعراق. وقال الشيخ أبو إسحاق: بويع على الخلافة ولا يبايع على الخلافة إلا من كان فقيها " مجتهدا "، واستعمل ابن الزبير على اليمن الضحاك بن فيروز سنة ثم عزله، وولى عبد الرحمن بن خالد بن الوليد المخزومي على صنعاء، ثم استعمل جماعة واحدًا بعد واحد. ولما قتله الحجاج صلبه بين القبور في موضع هناك معروف إلى الآن ببناء بني هناك علامة، ثم أرسل الحجاج إلى أمه أسماء بنت أبي بكر أعوانه، وقال لهم قبحه الله: هاتوها
1 / 120