اعتذرت إليها بنظرة ذليلة وقلت: درية، إنك تدركين شعوري تماما. - إني ممتنة.
فهتفت كالملدوغ: أعني شعوري بأنني كان يجب أن أكون معهم.
فقالت بحزن: لا جدوى من تعذيب نفسك. - أود .. أود أن أعرف رأيك في بصراحة؟
ساد الصمت فترة قصيرة مشحونة بالعذاب ثم تمتمت: لقد استقبلتك في بيتي، أو إن شئت في بيته، وفي هذا الكفاية.
تنهدت بصوت مسموع. لم يطمئن قلبي تماما. وكنت على ثقة من أني سأرد إلى الجحيم كما كنت، ولكن لم يكن الوقت مناسبا لتبرير الأخطاء. وقلت: سأزورك بين حين وآخر، وعليك أن تكتبي لي لدى أي طارئ. •••
أرهقني السفر ذهابا وإيابا، فقررت البقاء في البنسيون. انضممت إلى الجالسين حول الراديو في المدخل، ومن حسن الحظ أنهم كانوا أحب أهل الدار إلى نفسي: عامر وجدي والمدام وزهرة. شغلتني أفكاري عن الحديث حولي حتى سمعت المدام وهي تقول لي: إنك دائما غائب عنا بأفكارك.
فقال عامر وجدي وهو يرمقني بمودة: ذاك شأن الأذكياء.
وظل يرمقني بعينيه الغائمتين ثم تساءل: ألا تفكر في استخلاص مادة كتاب من برامجك الثقافية؟
فقلت دون مبالاة بالحقيقة: إني أفكر في كتابة برنامج عن تاريخ الخيانة في مصر. - الخيانة! .. يا له من موضوع غزير متشعب!
وضحك طويلا ثم عاد يقول: عليك أن ترجع إلي، سأمدك بالمراجع والذكريات. ••• - أنا أحبك، وأنت تحبينني، دعيني أكلمه. - إنك مجنون! - إنه عاقل ومعقول وسيفهمنا تماما، وسيغفر لنا. - لكنه يحبني، ويعدك صديقه الأوحد، ألا تفهم؟ - إنه يكره الزيف، إني أفهمه تماما. •••
Unknown page