حركت رأسها في ضيق. تمتمت: ولكنك تعلم أنني لا ...
قاطعتها بحرارة: لا أظنك ترفضين مساعدة تافهة من صديق قديم. - الطبيعي أن أجد عملا مناسبا. - عندما يتيسر ذلك، ولن يتيسر قبل مضي وقت.
ما زالت الحجرة مطبوعة بروحه. كعهدي بها في الأيام الخالية. الكنبة الاستديو ومكتبتها العامرة، المسجل، الجرامفون، التليفزيون والراديو، الفوتوغرافيا والأفلام وألبوم الصور، ولكن أين الصورة التي جمعت بيننا في أوبرج الفيوم؟ لا شك أنه رمى بها في لحظة الغضب. وكانت عينانا تلتقيان ثم تنفصلان في حذر، ولا شك أن مشاعر متجانسة طاردتنا، وأن ذكريات مشتركة ناوشتنا، وأن الماضي والحاضر والمستقبل يتمثل في صورة طريق مجهول. وسألتها: لديك خطة؟ - لم أجمع أفكاري بعد.
ترددت قليلا ثم سألت: ألم تفكري في الكتابة إلي؟
ترددت قليلا ثم أجابت: كلا. - ولكن احتمال حضوري لا شك خطر ببالك.
لم تجب. قامت فغابت دقائق ثم رجعت بالشاي، وأشعلنا سيجارتين. خيل إلي أني أسترجع رائحة قديمة مفتقدة. وكان لا بد مما ليس منه بد، فقلت وعذاباتي القديمة تجتاحني: أظنك علمت بمحاولاتي الفاشلة في العودة.
لازمت الصمت فقلت: لم ألق أي تشجيع، وهذا أخف تعبير يمكن اختياره.
تمتمت برجاء: لننس الماضي. - حتى فوزي نفسه تجاهلني! - قلت لننس الماضي. - كلا يا درية.
ثم قلت بامتعاض وألم: ولست أجهل ما قيل عني، قالوا إنني أسعى للعودة لأعمل عينا لأخي!
هتفت بتبرم وضيق: ألا يكفيني ما بي من حزن!
Unknown page