152

Minat al-Munʿim fī sharḥ Ṣaḥīḥ Muslim

منة المنعم في شرح صحيح مسلم

Publisher

دار السلام للنشر والتوزيع

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م

Publisher Location

الرياض - المملكة العربية السعودية

Genres

يَقُولُ: ﴿لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ أَوَلَمْ تَسْمَعْ أَنَّ اللهَ يَقُولُ: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾؟ قَالَتْ: وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كَتَمَ شَيْئًا مِنْ كِتَابِ اللهِ، فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللهِ الْفِرْيَةَ، وَاللهُ يَقُولُ: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ قَالَتْ: وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُخْبِرُ بِمَا يَكُونُ فِي غَدٍ، فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللهِ» الْفِرْيَةَ، وَاللهُ يَقُولُ: ﴿قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللهُ﴾.
(٠٠٠) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ عُلَيَّةَ، وَزَادَ: قَالَتْ: «وَلَوْ كَانَ مُحَمَّدٌ ﷺ كَاتِمًا شَيْئًا مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ لَكَتَمَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ﴾»
(٠٠٠) حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ
قَالَ: «سَأَلْتُ عَائِشَةَ هَلْ رَأَى مُحَمَّدٌ رَبَّهُ؟ فَقَالَتْ: سُبْحَانَ اللهِ، لَقَدْ قَفَّ شَعَرِي لِمَا قُلْتَ»، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِقِصَّتِهِ، وَحَدِيثُ دَاوُدَ أَتَمُّ وَأَطْوَلُ.
(٠٠٠) وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ، عَنِ ابْنِ أَشْوَعَ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: «قُلْتُ لِعَائِشَةَ: فَأَيْنَ قَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى﴾ قَالَتْ: إِنَّمَا ذَاكَ جِبْرِيلُ ﷺ، كَانَ يَأْتِيهِ فِي

٢٨٨ - قوله: ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ﴾ هو زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي الذي كان يُدعى زيد بن محمد، لأن النبي ﷺ كان قد تبناه قبل النبوة ﴿أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ﴾ وهي زينب بنت جحش، ولم يكن بينها وين زيد توافق، فشاور زيد النبي ﷺ في طلاقها فأشار عليه النبي ﷺ بإمساكها وعدم طلاقها، وقد علم ﷺ ببعض إشارات الوحي أن زيدًا لو طلقها فعسى أن يؤمر هو ﷺ بنكاحها بعد انقضاء عدتها إبطالا لقاعدة التبني، وكان أهل الجاهلية يرون زوجة المتبنى مثل زوجة الابن الحقيقي في حرمتها على والد الابن، فخشي النبي ﷺ أن زيدًا إن طلقها ثم نكحها هو ﷺ سوف تثور ضده دعايات عريضة واسعة، فالأحسن أن لا يطلقها زيد حتى لا تأتي هذه النوبة، فهذا الذي أخفاه في نفسه وعتب الله عليه.
٢٨٩ - قولها: (سبحان الله) معناه التعجب من خفاء هذا عليه (قف شعري) أي قام شعري من الفزع لكوني سمعت ما لا ينبغي أن يقال، والقف قيام الشعر مع قشعريرة الجلد.
٢٩٠ - قوله: ﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى﴾ دنا أي اقترب، والتدلي: الامتداد من العلو إلى جهة السفل. ﴿قَابَ قَوْسَيْنِ﴾ أي قدر قوسين ﴿أَو أَدْنَى﴾ أي أقرب من ذلك، ﴿فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى﴾ أي أوحى الله إلى عبده ما أوحى بواسطة هذا المتدلي - وهو جبريل - أو أوحي هذا المتدلي إلى عبد الله تعالى ما أوحى.

1 / 154