Minat al-Munʿim fī sharḥ Ṣaḥīḥ Muslim
منة المنعم في شرح صحيح مسلم
Publisher
دار السلام للنشر والتوزيع
Edition
الأولى
Publication Year
١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م
Publisher Location
الرياض - المملكة العربية السعودية
Genres
بَابُ مَعْنَى قَوْلِ اللهِ ﷿: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾، وَهَلْ رَأَى النَّبِيُّ ﷺ رَبَّهُ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ
(١٧٥) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ قَالَ: رَأَى جِبْرِيلَ».
(١٧٦) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «رَآهُ بِقَلْبِهِ».
(٠٠٠) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ جَمِيعًا، عَنْ وَكِيعٍ. قَالَ الْأَشَجُّ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ زِيَادِ بْنِ الْحُصَيْنِ أَبِي جَهْمَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى﴾، ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾
قَالَ: رَآهُ بِفُؤَادِهِ مَرَّتَيْنِ.»
(٠٠٠) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، حَدَّثَنَا أَبُو جَهْمَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ.
(١٧٧) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: «كُنْتُ مُتَّكِئًا عِنْدَ عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: يَا أَبَا عَائِشَةَ، ثَلَاثٌ مَنْ تَكَلَّمَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللهِ الْفِرْيَةَ، قُلْتُ: مَا هُنَّ؟ قَالَتْ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا ﷺ رَأَى رَبَّهُ، فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللهِ الْفِرْيَةَ، قَالَ: وَكُنْتُ مُتَّكِئًا فَجَلَسْتُ، فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْظِرِينِي وَلَا تَعْجَلِينِي، أَلَمْ يَقُلِ اللهُ ﷿: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ﴾، ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾، فَقَالَتْ: أَنَا أَوَّلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ جِبْرِيلُ، لَمْ أَرَهُ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا غَيْرَ هَاتَيْنِ الْمَرَّتَيْنِ، رَأَيْتُهُ مُنْهَبِطًا مِنَ السَّمَاءِ سَادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ، فَقَالَتْ: أَوَلَمْ تَسْمَعْ أَنَّ اللهَ ﷿
٢٨٧ - قولها: (أعظم على الله الفرية) بكسر الفاء: الكذب والاختلاق، وقوله: (أنظريني) أي أمهليني، واعلم أن الروايات اختلفت عن الصحابة في رؤية النبي ﷺ ربه ﷾، فجاء عن ابن عباس وغيره ﵃ أنه ﷺ رأى ربه بفؤاده مرتين، وجاء عن عائشة ﵂ وغيرها نفي ذلك كما في هذه الرواية، واختلفت أقوال السلف أيضًا في ذلك، وعند تدقيق النظر نجد أن ابن عباس ﵄ لم يسند ذلك عن النبي ﷺ بل استنبطه مما جاء في سورة النجم من الآيات، بينما عائشة ﵂ سألت النبي ﷺ عن تلك الآيات نفسها فأجابها بأنَّه رأى جبريل على صورته مرتين، فهذا مرفوع مسند إلى النبي ﷺ وليس مجرد استنباط منها ﵂ وهو يعارض ما استنبطه ابن عباس معارضة واضحة ويعارضه أيضا آخر تلك الآيات وهو قوله تعالى: ﴿لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى﴾ [النجم: ١٨] بدون واو العطف فإن هذه الآية بغير واو العطف تعد بيانًا وإيضاحًا لما سبق في قوله ﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى﴾ [النجم: ١١] وفي قوله: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ [النجم: ١٣] أي إن المرئى كان من آيات ربه الكبرى لا الرب نفسه، فالذي روته عائشة وذهبت إليه هو الصواب إن شاء الله تعالى وهو أعلم بالصواب.
1 / 153