Sharḥ al-Nawawī ʿalā Ṣaḥīḥ Muslim
شرح النووي على صحيح مسلم
Publisher
دار إحياء التراث العربي
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٣٩٢
Publisher Location
بيروت
الْعُلَمَاءُ مِنَ السَّلَفِ وَغَيْرِهِمْ فِي إِطْلَاقِ الْإِنْسَانِ قَوْلَهُ أَنَا مُؤْمِنٌ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ لَا يَقُولُ أَنَا مُؤْمِنٌ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ بَلْ يَقُولُ أَنَا مُؤْمِنٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَحَكَى هَذَا الْمَذْهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا الْمُتَكَلِّمِينَ وَذَهَبَ آخرون إلى جواز الاطلاق وأنه لايقول إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ وَقَوْلُ أَهْلِ التَّحْقِيقِ وَذَهَبَ الْأَوْزَاعِيُّ وَغَيْرُهُ إِلَى جَوَازِ الْأَمْرَيْنِ وَالْكُلُّ صَحِيحٌ بِاعْتِبَارَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ فَمَنْ أَطْلَقَ نَظَرَ إِلَى الْحَالِ وَأَحْكَامُ الْإِيمَانِ جَارِيَةٌ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ وَمَنْ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَالُوا فِيهِ هُوَ إِمَّا لِلتَّبَرُّكِ وَإِمَّا لِاعْتِبَارِ الْعَاقِبَةِ وَمَا قَدَّرَ اللَّهُ تَعَالَى فَلَا يَدْرِي أَيَثْبُتُ عَلَى الْإِيمَانِ أَمْ يُصْرَفُ عَنْهُ وَالْقَوْلُ بِالتَّخْيِيرِ حَسَنٌ صَحِيحٌ نَظَرًا إِلَى مَأْخَذِ الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَرَفْعًا لِحَقِيقَةِ الْخِلَافِ وَأَمَّا الْكَافِرُ فَفِيهِ خِلَافٌ غَرِيبٌ لِأَصْحَابِنَا مِنْهُمْ مَنْ قَالَ يُقَالُ هُوَ كَافِرٌ وَلَا يَقُولُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هُوَ فِي التَّقْيِيدِ كَالْمُسْلِمِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَيُقَالُ عَلَى قَوْلِ التَّقْيِيدِ هُوَ كَافِرٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ نَظَرًا إِلَى الْخَاتِمَةِ وَأَنَّهَا مَجْهُولَةٌ وَهَذَا الْقَوْلُ اخْتَارَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاعْلَمْ أَنَّ مَذْهَبَ أَهْلِ الْحَقِّ أَنَّهُ لَا يُكَفَّرُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ بِذَنْبٍ وَلَا يُكَفَّرُ أَهْلُ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ وَأَنَّ مَنْ جَحَدَ مَا يُعْلَمُ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ ضَرُورَةً حُكِمَ بِرِدَّتِهِ وَكُفْرِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ وَنَحْوِهِ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ فَيُعَرَّفُ ذَلِكَ فَإِنِ اسْتَمَرَّ حُكِمَ بِكُفْرِهِ وَكَذَا حُكْمُ مَنِ استحل الزنى أَوِ الْخَمْرَ أَوِ الْقَتْلَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ الَّتِي يُعْلَمُ تَحْرِيمُهَا ضَرُورَةً فَهَذِهِ جُمَلٌ مِنَ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْإِيمَانِ قَدَّمْتُهَا فِي صَدْرِ الْكِتَابِ تَمْهِيدًا لِكَوْنِهَا مِمَّا يَكْثُرُ الِاحْتِيَاجُ إِلَيْهِ وَلِكَثْرَةِ تَكَرُّرِهَا وَتَرْدَادِهَا فِي الْأَحَادِيثِ فَقَدَّمْتُهَا لأحيل عليها اذا مررت بما يحرج عَلَيْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَلَهُ الْحَمْدُ وَالنِّعْمَةُ وَبِهِ التَّوْفِيقُ وَالْعِصْمَةُ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْحُسَيْنِ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ﵁
[٨] (حَدَّثَنِي أبو خيثمة زهير بن حرب ثنا وَكِيعٌ عَنْ كَهْمَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بريدة عن يحيى بن
1 / 150