149

Sharḥ al-Nawawī ʿalā Ṣaḥīḥ Muslim

شرح النووي على صحيح مسلم

Publisher

دار إحياء التراث العربي

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٣٩٢

Publisher Location

بيروت

الْأَحْوَالُ وَأَمَّا غَيْرُهُمْ مِنَ الْمُؤَلَّفَةِ وَمَنْ قَارَبَهُمْ وَنَحْوِهِمْ فَلَيْسُوا كَذَلِكَ فَهَذَا مِمَّا لَا يُمْكِنُ إِنْكَارُهُ وَلَا يَتَشَكَّكُ عَاقِلٌ فِي أَنَّ نَفْسَ تَصْدِيقِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ﵁ لَا يُسَاوِيهِ تَصْدِيقُ آحَادِ النَّاسِ وَلِهَذَا قَالَ البخارى فى صحيحه قال بن أَبِي مُلَيْكَةَ أَدْرَكْتُ ثَلَاثِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ كُلُّهُمْ يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ يَقُولُ إِنَّهُ عَلَى إِيمَانِ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا إِطْلَاقُ اسْمِ الْإِيمَانِ عَلَى الْأَعْمَالِ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْحَقِّ وَدَلَائِلُهُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ وَأَشْهَرُ مِنْ أَنْ تُشْهَرَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَمَا كَانَ اللَّهُ ليضيع ايمانكم أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ صَلَاتَكُمْ وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ فَسَتَمُرُّ بِكَ فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْهَا جُمَلٌ مُسْتَكْثَرَاتٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاتَّفَقَ أَهْلُ السُّنَّةِ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ الَّذِي يُحْكَمُ بِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ وَلَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ لَا يَكُونُ إِلَّا مَنِ اعْتَقَدَ بِقَلْبِهِ دِينَ الْإِسْلَامِ اعْتِقَادًا جَازِمًا خَالِيًا مِنَ الشُّكُوكِ وَنَطَقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى إِحْدَاهُمَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ أَصْلًا إِلَّا إِذَا عَجَزَ عَنِ النُّطْقِ لِخَلَلٍ فِي لِسَانِهِ أَوْ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْهُ لِمُعَاجَلَةِ الْمَنِيَّةِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُؤْمِنًا أَمَّا إِذَا أَتَى بِالشَّهَادَتَيْنِ فَلَا يُشْتَرَطُ مَعَهُمَا أَنْ يَقُولَ وَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ دِينٍ خَالَفَ الْإِسْلَامَ إِلَّا إِذَا كَانَ مِنَ الْكُفَّارِ الَّذِينَ يَعْتَقِدُونَ اخْتِصَاصَ رِسَالَةِ نَبِيِّنَا ﷺ إِلَى الْعَرَبِ فَإِنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ إِلَّا بِأَنْ يَتَبَرَّأَ وَمِنْ أَصْحَابِنَا أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ ﵀ مَنْ شَرَطَ أَنْ يَتَبَرَّأَ مُطْلَقًا وَلَيْسَ بِشَيْءٍ أَمَّا إِذَا اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يَقُلْ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِنَا وَمَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لايكون مُسْلِمًا وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ يَكُونُ مُسْلِمًا وَيُطَالَبُ بِالشَّهَادَةِ الْأُخْرَى فَإِنْ أَبَى جُعِلَ مُرْتَدًّا وَيُحْتَجُّ لِهَذَا الْقَوْلِ بِقَوْلِهِ ﷺ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَهَذَا مَحْمُولٌ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ عَلَى قَوْلِ الشَّهَادَتَيْنِ وَاسْتَغْنَى بِذِكْرِ إِحْدَاهُمَا عَنِ الْأُخْرَى لِارْتِبَاطِهِمَا وَشُهْرَتِهِمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَمَّا إِذَا أَقَرَّ بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ أَوِ الصَّوْمِ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ وَهُوَ عَلَى خِلَافِ مِلَّتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا فَهَلْ يُجْعَلُ بِذَلِكَ مُسْلِمًا فِيهِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا فَمَنْ جَعَلَهُ مُسْلِمًا قَالَ كُلُّ مَا يَكْفُرُ الْمُسْلِمُ بِإِنْكَارِهِ يَصِيرُ الْكَافِرُ بِالْإِقْرَارِ بِهِ مُسْلِمًا أَمَّا إِذَا أَقَرَّ بِالشَّهَادَتَيْنِ بِالْعَجَمِيَّةِ وَهُوَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ فَهَلْ يُجْعَلُ بِذَلِكَ مُسْلِمًا فِيهِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا الصَّحِيحُ مِنْهُمَا أَنَّهُ يَصِيرُ مُسْلِمًا لِوُجُودِ الْإِقْرَارِ وَهَذَا الْوَجْهُ هُوَ الْحَقُّ وَلَا يَظْهَرُ لِلْآخَرِ وَجْهٌ وَقَدْ بَيَّنْتُ ذَلِكَ مُسْتَقْصًى فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَاللَّهُ أعلم واختلفا

1 / 149