263

============================================================

وقوله عليه الصلاة والسلام: "المؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف"(1)، والقوة تشمل القوة الظاهرية العملية والقوة الباطنية العلمية، وهو على منوال هذه الأنوار في الدنيا يظهر آنوار علومهم وأعمالهم وأحوالهم في العقبى، وكلما اشتد نور هذه الكلمة وعظمت مرتبتها أحرق من الشبهات والشهوات بحسب قوتها، بحيث ربما وصل إلى حال لا يصادف شبهة ولا شهوة ولا ذنبا ولا سيئة إلا أحرقها، بل تقول النار: "جز يا مؤمن فإن نورك أطفأ لهبي"(2) .

ومن عرف هذا عرف معنى قوله صلى الله تعالى عليه وسلم: "إن الله تعالى حرم على النار من قال لا إلله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله"(3)، وقوله عليه الصلاة والسلام: "لا يدخل النار من قال لا إلكه إلا الله"(4) وأمثال ذلك مما أشكل على كثير من الناس حتى ظنها بعضهم مسوخة، وظنها بعضهم قبل ورود الأوامر والنواهي، وحملها بعضهم على نار المشركين والكفار، وأول بعضهم الدخول بالخلود، (1) رواه مسلم، قدر24.

(2) (جزيا مؤمن) ابن عدي، هو منقطع. أسنى المطالب 95، وانظر تفسير القرطبي .149/11 (3) (إن الله حرم على النار) البخاري، صلاة 46، توحيد34، مسلم إيمان 399/53، ساجد 263.

(4) (لا يدخل النار من قال لا إلكه إلأ الله) . انظر كنز العمال رقم (1424)، وتهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر ه/46.

Page 263