217

Min Naql Ila Ibdac Nass

من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٢) النص: الترجمة – المصطلح – التعليق

Genres

2

في الشرح تتعدد العلوم والأمثلة والإحالات إلى باقي مؤلفات أرسطو.

3

وقد تمت ترجمة منطق اليقين على ما يبدو قبل منطق الظن، أما من حيث الحاجة للأول قبل الثاني أو من حيث القيمة، فاليقين أعلى قيمة من الظن أو من حيث ترتيب كتب أرسطو كما وصلت العالم الإسلامي؛ فقد ترجم كتاب الشعر في أواخر القرن الرابع؛ أي في عصر متأخر، مما يدل على أن المسلمين لم يكونوا متلهفين على ترجمة اليونان في موضوع يهتمون به، وهم الشعراء الذين كان الشعر لديهم قبل الإسلام يقوم مقام الوحي بعده، بؤرة الثقافة العربية ومنطلقها الأول. وبالرغم من عدم وجود شعر ملاحم وتمثيليات في الشعر العربي، إلا أن الترجمة لكتاب الشعر كانت من أجل العلم بالشيء، معرفة ثقافة الآخر معرفة نظرية وإن لم تنتج عنها آثار عملية.

4

وتقل الترجمة إحكاما انتقالا من منطق اليقين إلى منطق الظن، من المقولات والعبارة والتحليلات الأولى والثانية إلى الجدل والسفسطة والخطابة والشعر. ربما لاهتمام المسلمين بمنطق البرهان أي منطق العقل. وربما لعدم حاجاتهم إلى الخطابة والشعر وهم أهل فصاحة وبيان. وربما لأن الذوق العربي الذي يجمع بين الحق والخير والجمال، ينأى عن الجدل والسفسطة؛ أي الفصل بين المنطق والأخلاق.

5

وتزداد التعليقات كلما سرنا مع كتب المنطق من الكتابين الأولين وهما المقولات والعبارة إلى الكتابين الآخرين، القياس والبرهان. وتزداد التعليقات أكثر كلما انتقلنا من منطق البرهان (المقولات، العبارة، القياس، البرهان)، إلى منطق الظن (الجدل، السفسطة، الخطابة، الشعر)؛ ففي منطق البرهان إحكام عقلي ووضوح نظري، لا يسمح بالتعليق الذاتي والقراءة الاجتهادية، في حين أن منطق الظن يسمح بذلك نظرا لتراث الأنا في الخطابة والشعر.

وأكثر الكتب في حاجة إلى تركيز وإبراز للمعاني دون تطويل القياس والبرهان؛ نظرا لكثرة الأشكال وتعدد طرق الاستدلال؛ وبالتالي تظهر الحاجة للشرح أو للتلخيص، لتحليل المعاني أو لتركيبها. وكتاب البرهان، بالرغم من أنه أقل صورية من كتب القياس، إلا أنه كان أيضا في حاجة إلى تعليق، شرح وتلخيص، حتى يتم تركيزه وإبراز معانيه استعدادا للاستعمال والإنجاب. التعليق عملية إعداد للعروس حتى يأتي فيها الإخصاب في مرحلة التأليف؛ ففي البرهان نفس طابع الحشو الذي في القياس، بالمقارنة بالمقولة والعبارة؛ أي المقدمات التعريفية اللغوية، الفكر اللغوي العلمي المحدد. أما عندما يعيش الفكر على ذاته ويستدل مع نفسه، فتظهر الحاجة إلى الشرح حتى يتخارج الفكر ويظهر توجيهه وخلقه.

ومثل وحدة أعمال أرسطو هناك أيضا وحدة المنطق؛ حيث تتم الإحالات المستمرة من كتاب إلى آخر، دون تمييز بين منطق اليقين ومنطق الظن، كما تتم الإحالة إلى القياس وإلى الجدل،

Unknown page