Mazalim Mushtaraka

Ibn Taymiyyat d. 728 AH
18

ومن قال هذا هو الشرع الذى بعث الله به رسوله فقد قال على الله غير الحق لكنه قول بعض العلماء وقد خالفهم آخرون ونسبة مثل هذه الأقوال إلى الشرع توجب سوء ظن كثير من الناس فى الشرع وفرارهم منه والقدح فى أصحابه فإن من العلماء من قال قولا برأيه وخالفه فيه آخرون وليس معه شرع منزل من عند الله بل الأدلة الشرعية قد تدل على نقيض قوله وقد يتفق أن من يحكم بذلك يزيد ذلك ظلما بجهله وظلمه ويتفق أن كل أهل ظلم وشر يزيدون الشر شرا وينسبون هذا الظلم كله إلى شرع من نزهه الله عن الظلم وبعثه بالعدل والحكمة والرحمة وجعل العدل المحض الذى لا ظلم فيه هو شرعه

ولهذا كان العدل وشرعه متلازمين قال الله تعالى

﴿إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل

وقال تعالى

﴿فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين

وقال تعالى

﴿فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق

فما أنزل عليه والقسط متلازمان فليس فيما أنزل الله عليه ظلم قط بل قد قال تعالى

﴿لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز

والله أعلم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وحسبنا الله ونعم الوكيل

Page 355