Matmah Amal
مطمح الآمال في إيقاظ جهلة العمال من سيرة الضلال
Genres
وكان ابنه الناصر قائما بالأمور، ناظما لأحوال الجمهور، محتاطا في ذلك بأخذ الولاية من العلماء الأبرار، ثم نهض القاضي العلامة: عبد الله بن حسن الدواري من (صعدة) في عصابة وافرة من العلماء، فتلقاهم الناصر إلى قريب (هران)، وجاء العلماء إليه أرسالا، وأجمعوا على إمامته، وكان أول من رقى المنبر: الواثق بن المطهر، ثم السيد بهجة العلماء: الهادي بن يحيى، ثم بقية العلماء على مراتبهم يخطبون ويبايعون، واجتمع في بيعته زائد عن مائة ألف، ولم يزل والده عليه السلام عليلا إلى آخر يوم من جمادى الآخرة سنة أربع وسبعين وسبعمائة، ثم توفي رضوان الله عليه وكان أوصى أن يقبر بمشهد جده الهادي [عليه السلام] في (صعدة) فأنفذ ولده الوصية؛ ولم يزل الناصر ناهجا منهج سيد المرسلين والأئمة الهادين، منابذا للظالمين، شحاكا للملحدين، ناظما لأمور المسلمين، قائما بأمور الدين، متفقدا للضعفاء والمساكين، مستعملا على حقوق الله من ارتضى دينا وعلما وعملا، مع ورع في الدنيا، وزهد وتأثير للآخرة، وغزا إلى (زبيد) و(تعز)، وأخرب (الجند)، ونفذت أوامره في (تهامة) خلا (زبيد)، وملك (صنعاء)؛ ولما توفاه الله إلى رحمته كتم موته قدر شهرين حتى وصل القاضي عبد الله بن حسن الدواري من (صعدة) في عدة من العلماء؛ فتلقاهم ولد الإمام المنصور في شيعة (صنعاء) إلى المنظر، وسلم عليهم القاضي، وقام خطيبا معزيا في الإمام، وأمر بدفن الإمام، وبويع المنصور علي بن صلاح برأي فريق، وللإمام المهدي: أحمد بن يحيى برأي آخرين، ونشأ الإمام المنصور مدا في حجر الخلافة، وتحلى بحلي العبادة والعفافة، واشتهر فضله في الأقطار، واكتسى من حسن الصيت أبهى الحلل والمبار، وشغف بالصيام والقيام، واكتحل السهر في حنادس الظلام، وعمرت بحسن سيرته أمصار الهدى وبواديها، وأمنت بهيبته السبل ونواحيها، وأطاعه مطيع الأمة وعاصيها[44ب]، قال الإمام عز الدين [بن الحسن] عليه السلام في (العناية التامة): (كان له من محاسن الصفات ومحامد السمات ما لا خفاء به).
Page 219