73

Maqsad Asna

المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى

Investigator

بسام عبد الوهاب الجابي

Publisher

الجفان والجابي

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠٧ - ١٩٨٧

Publisher Location

قبرص

والمجاهدات وَتَقْدِير السياسات الَّتِي تُفْضِي إِلَى مصَالح الدّين وَالدُّنْيَا وَبِذَلِك اسْتخْلف الله عباده فِي الأَرْض واستعمرهم فِيهَا لينْظر كَيفَ يعْملُونَ وَإِنَّمَا الْحَظ الديني من مُشَاهدَة هَذَا الْوَصْف لله تَعَالَى أَن يعلم أَن الْأَمر مفروغ مِنْهُ وَلَيْسَ بالأنف وَقد جف الْقَلَم بِمَا هُوَ كَائِن وَأَن الْأَسْبَاب قد تَوَجَّهت إِلَى مسبباتها وانسياقها إِلَيْهَا فِي أحيانها وأجالها حتم وَاجِب فَكل مَا يدْخل فِي الْوُجُود فَإِنَّمَا يدْخل بِالْوُجُوب فَهُوَ وَاجِب أَن يُوجد وَإِن لم يكن وَاجِبا لذاته وَلَكِن وَاجِب بِالْقضَاءِ الأزلي الَّذِي لَا مرد لَهُ فَيعلم أَن الْمَقْدُور كَائِن وَأَن الْهم فضل فَيكون العَبْد فِي رزقه مُجملا فِي الطّلب مطمئن النَّفس سَاكن الجأش غير مُضْطَرب الْقلب فَإِن قلت فَيلْزم مِنْهُ إشْكَالَانِ أَحدهمَا أَن الْهم كَيفَ يكون فضلا وَهُوَ أَيْضا مَقْدُور لِأَنَّهُ قدر لَهُ سَبَب إِذا جرى سَببه كَانَ حُصُول الْهم وَاجِبا وَالثَّانِي أَن الْأَمر إِذا كَانَ مفروغا مِنْهُ فَفِيمَ الْعَمَل وَقد فرغ هُوَ عَن سَبَب السَّعَادَة والشقاوة فَالْجَوَاب عَن الأول أَن قَوْلهم الْمَقْدُور كَائِن والهم فضل لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنه فضل على الْمَقْدُور خَارج عَنهُ بل أَنه فضل أَي لَغْو لَا فَائِدَة فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يدْفع الْمَقْدُور وَلِأَن سَبَب الْهم بِمَا يتَوَقَّع كَونه هُوَ الْجَهْل الْمَحْض لِأَن ذَلِك إِن قدر كَونه فالحذر والهم لَا يَدْفَعهُ وَهُوَ استعجال نوع من الْأَلَم خوفًا من وُقُوع الْأَلَم وَإِن لم يقدر كَونه فَلَا معنى للهم بِهِ فبهذين الْوَجْهَيْنِ كَانَ الْهم فضلا وَأما الْعَمَل فَجَوَابه قَوْله ﷺ اعْمَلُوا فَكل ميسر لما خلق لَهُ

1 / 96