Maqasid Caliyya
المقاصد العلية في شرح الرسالة الألفية
Genres
غيرها وإن أمكن.
والحق في توجيه الاستدامة الحكمية أن الواجب لما كان هو إيقاع العبادة على ذلك الوجه المخصوص، وكانت إرادة الضد منافية لإرادة الضد الآخر، اقتضى ذلك وجوب الاستمرار على ذلك الوجه المطلوب شرعا، ويتحقق بعدم إحداث نية تنافي الأولى، فمتى لم ينو نية مخالفة حصل له ما نواه أولا؛ للامتثال، فلا يفتقر إلى تجديد العزم؛ لعدم الدليل عليه.
وقد بنى المصنف (رحمه الله) التفسيرين على مسألة كلامية اختلف فيها، وهي أن الممكن الباقي هل هو مستغن عن المؤثر، أو محتاج إليه؟ فعلى الأول يثبت التفسير الأول، وعلى الثاني الثاني.
والظاهر أن هذا البناء لا حقيقة له:
أما أولا؛ فلعدم الدليل عليه.
وأما ثانيا؛ فلأن ذلك يقتضي وجوب استمرارها فعلا إلى آخر العبادة، لأنها تصير حينئذ علة للعبادة مؤثرة، فيلزم حينئذ انتفاء صحة العبادة عند الذهول عنها وهو منتف إجماعا. والعزم على مقتضاها ليس هو عين النية الاولى، فلا يكون مؤثرا في العبادة، إذ الدليل إنما دل على اعتبار النية المعهودة، وتعذرها يوجب الإتيان بالقدر الممكن منها وتجديدها كذلك، لا إقامة بدلها.
وأما ثالثا؛ فلما بيناه من أن الدليل إنما يدل على اعتبار النية في أول العبادة، فيستمر حكمها إلى أن يصرف القصد إلى ما يضادها، فالتفسير الأول أجود.
إذا تقرر ذلك، فلو نوى قطع الطهارة أو المنافي للنية بطلت النية بالنسبة إلى ما بقي من الأفعال لا الوضوء؛ لأنه عبادة منفصلة الأجزاء شرعا، لا تتوقف صحة بعضه على البعض الآخر مطلقا. ولهذا لو أخل بغسل بعض الأعضاء على الوجه المعتبر شرعا بطل ذلك العضو لا غير، فلو جدده بحيث لا يخل بعضها بالموالاة صح، بخلاف الصلاة فإن أفعالها متصلة مرتبطة، بحيث يؤدي إفساد بعضها عمدا إلى فساد الصلاة وبطلان ما تقدم من الأفعال، فإذا أراد تمام الوضوء هنا والموالاة باقية استأنف النية
Page 83