Manzumat Naghmat Aghani
منظومة نغمة الأغاني في عشرة الإخوان
Genres
ولم يزل ذا فحص يسأل كل شخص عمن بها من نازل وفاضل مشاكل
فوصفوا نديما ذا أدب كريما
ينادم المهلب وهو أمير العرب
فأمه وقصده وحين حل معهده
عرفه بأمره وحلوه ومره
فقال أنت تصلح بل خير من يستملح
لصحبة الأمير السيد الخطير
إن كنت ممن يصبر لخصلة تستكثر
فقال أي خصلة فيه تنافي وصله
فقال هذا رجل لا يعتريه الملل
من إفتراء الكذب في حزن وطرب
فإن أردت طوله فصدقن قوله
في كل ما يختلق ويفتري وينطق
حتى تنال نائله ولا ترى غوائله
قال الفتى سأفعل ذاك ولست أجهل
فذهب النديم وهو به زعيم
فعرف الأميرا بفضله كثرا
حتى دعاه فحضر وسره عند النظر
فراشه في الحال بكسوة ومال
فلزم الملازمة للأنس والمنادمة
ولم يزل يصدقه في كل إفك يخلقه
فقال يوما وافترى بهتا وكذبا منكرا
لي عادة مستحسنة أفعلها كل سنة
أطبخ للحجاج من لحم الدجاج
في فرد قدر نزلا يكفي الجميع مأكلا
فحار ذلك الفتى من قوله وبهتا
وقال ليت شعري ما قدر هذا القدر
هل هي بئر زمزم أو هي بحر القلزم
أم هي في الفضاء بادية دهناء
فغضب الأمير وغاضه النكير
وقال ردوا صلته منه وقدوا خلعته
وأخرجوه الآنا عنا فلا يرانا
فندم الأديب وساءه التكذيب
وعاود النديما لعذره مقيما
وقال منذ دهري لم اشتعل بسكر
فغالني الشراب وحاق بي العذاب
وقلت ما لا أعقل والهفو قد يحتمل
فسل لي الإغضاء والعفو والرضاء
قال النديم إني أرضيه بالتأني
بشرط أن تنيبا وتترك التكذيبا
فراجع الأميرا واستوهب التقصيرا
واستأنف الإنعاما عليه والإكراما
فعاد للمنادمة باللطف والملائمة
فكان كلما كذب وقال افكا وانتدب
صدقه وأقسما بكونه مسلما
حتى جرى في خبر ذكر كلاب عبقر
ووصفها بالصغر وخلقها المحتقر
قال الأمير وابتكر ليس العيان كالخبر
قد كان منذ مدة لدي منها عدة
أضعها في مكحلة للهزل والخزعبلة
وكان عندي مسخرة أكحل منها بصره
فكانت الكلاب في عينه تناب
وهي على مجونه تنبح في جفونه
فقام ذلك الفتى يقول لا عشت متى
Page 11