* * *

AUTO مقدمة المنظومة

========

يقول راجي الصمد... بن علي أحمد

حمدا لمن هداني ... بالنطق والبيان

وأشرف الصلاة ... من واهب الصلاة

على النبي الهادي ... وآله الأمجاد

وبعد فالكلام ... لحسنه أقسام

والقول ذو فنون ... في الجد والمجون

وروضة الأريضي ... السجع في القريض

والشعر ديوان العرب ... وكم أنال من أرب

فانسل اذا رمت الأدب ... اليه من كل حدب

رواية الأشعار ... تكسو الأديب العاري

وترفع الوضيعا ... وتكرم الشفيعا

وتنجح المآرب ... وتصلح المعائب

وتطرب الإخوانا ... وتذهب الأحزانا

وتنعش العشاقا ... وتؤنس المشتاقا

وتنسخ الأحقادا ... وتثبت الودادا

وتقدم الجبانا ... وتعطف الغضبانا

فقم له مهتما ... واحفظه حفطا جما

وخيره ما أطربا ... مستمعا وأعجبا

وهذه الأرجوزة ... في فنها وجيزة

بديعة الألفاظ ... تسهل للحفاظ

تطرب كل سامع ... بحسن لفظ جامع

أبياتها قصور ... وما بها قصور

ضمنتها معاني ... في عشرة الإخوان

تشرح للألباب ... محاسن الآداب

فان خير العشرة ... ما حاز قوم عشرة

وأكثر الإخوان ... في الوصل والأوان

صحبتهم نفاق ... ما شانها وفاق

يلقى الخليل خله ... إذا أتى محله

بظاهر مموه ... وباطن مشوه

يظهر من صداقه ... ما هو فوق الطاقه

والقلب منه خالي ... كفارغ المخالي

حتى اذا ما انصرفا ... أعرض عن ذاك الصفا

وإن يكن ثم حسد ... انشب انشاب الاسد

في عرضه مخالبه ... مستقصيا مثالبه

مجتهدا في غيبته ... لم يرع حق غيبته

فهذه صحبة من ... تراه في هذا الزمن

فلا تكن معتمدا ... على صديق أبدا

وان عصيت ألا ... تصحب منهم خلا

فإنك الموفق بل ... السعيد المطلق

وان قصدت الصحبة ... فخذ لها في الأهبة

واحرص على آدابها ... تعد من أربابها

واستنب من شروطها ... توق من سقوطها

---------------------------------------

* الناظم أحد علماء الشيعة في القرن الحادي عشر ، ولكن كونه شيعيا لا يعني الاستفادة من منظومة الرائع هذه فليس فيها شيء يدعو إلى التشيع والضلال؛ فإن الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق بها .

Page 1

فان أردت علمها وحدها ورسمها

فاستمله من رجزي هذا البديع الموجز

فإنه كفيل بشرحه حفيل

فصلته فصولا تقرب الوصولا

لمنهج الآداب في صحبة الاصحاب

تهدي جميع الصحب الى طريق رحب

سميتها إذ طربا بنظمنه واغربا

بنغمة الأغاني في عشرة الاخوان

والله ربي اسأل وهو الكريم المفضل

الهادي للسداد ومانح الإمداد

فصل في تعريف الصديق والصداقة

قالوا الصديق من صدق

في وده وما مذق

وقيل من لا يطعنا

في قوله أنت أنا

وقيل لفظ لا يرى

معناه في هذا الورى

وفسروا الصداقة

الحب حسب الطاقة

وقال من قد أطلقا

هي الوداد مطلقا

والاآخرون نصوا

بأنها أخص

وهو الصحيح الراجح

والحق فيه واضح

علامة الصديق

عند أولي التحقيق

محبة بلا غرض

والصدق فيها مفترض

وحدها المعقول

عندي ما أقول

فهي بلا اشتباه

محبة في الله

***

AUTO فصل فيمن يصادق ويصافى

================

أخو صلاح وأدب ذو حسب وذو نسب

رب صلاح وتقى ينهاك عما يتقا

من حيلة وغدر وبدعة ومكر

مهذب الأخلاق يطرب للتلاقي

يحفظ مافي عيبتك يصون ما في غيبتك

يزينه ما زانكا يشينه ما شانكا

يظهر منك الحسنا ويذكر المستحسنا

ويكتم المعيبا ويحفظ المغيبا

يسره ما سركا ولا يذيع سركا

إن قال قولا صدقك أو قلت قولا صدقك

وإن شكوت عسرا أفدت منه يسرا

يلقاك بالأمان في حادث الزمان

يهدي لك النصيحة بنية صحيحة

خلته مدانية في السر والعلانية

صحبته لا لغرض فذاك لللقلب مرض

لا يتغير إن ولي عن الوداد الأول

يرعى عهود الصحبة لا سيما في النكبة

لا يسلم الصديقا إن نال يوما ضيقا

يعين إن أمر عنا ولا يفوه بالخنا

يولي ولا يعتذر عما عليه يقدر

هذا هو الأخ الثقة المستحق للمقة

إن ظفرت يداكا فكد به عداكا

فإنه السلاح والكهف والمناح

وقد روى الرواة السادة الثقاة

عن الإمام المرتضى سيف الآله المنتضى

في الصحب والإخوان أنهما صنفان

إخوان صدق وثقة وأنفس متفقة

هم الجناح واليد والكهف والمستند

والأهل والأقارب أدنتهم التجارب

فافدهم بالروح في القرب والنزوح

واسلك بحيث سلكوا وابذل لهم ما تملك

Page 2

فلا يروك مالكا من دونهم لمالكا وصاف من صافاهم وناف من نافاهم

واحفظهم وصنهم وانف الظنون عنهم

فهم أعز في الورى إن عن خطب او عرى

من أحمر الياقوت بل من حلال القوت

وإخوة للأنس ونيل حظ النفس

هم عصبة المجاملة للصدق في المعاملة

منهم تصيب لذتك إذ الهموم بذتك

فضلهم ما وصلوا وابذل لهم ما بذلوا

من ظاهر الصداقة بالبشر والطلاقة

ولا تسل إن أظهروا للود عما اضمروا

واطوهم مد الحقب طي السجل للكتب

وقال بشر الحافي بل عدة الأصناف

ثلاثة فالأول للدين وهو الافضل

وآخر للدنيا يهديك نجد العليا

وثالث للأنس لكونه من جنس

فأعط كلا ما يحب وعن سواهم فاجتنب

***

AUTO فصل في شروط الصداقة

==============

صداقة الإخوان الخلص العوان

لها شروط عدة على الرخاء والشدة

والرفق والتلطف والود والتعطف

وكثرة التعهد لها بكل معهد

البر بالأصحاب من أحكم الأسباب

والنصح للإخوان من أعظم الإحسان

والصدق والتصافي من أحسن الإنصاف

دع خدع المودة وأوجها مسودة

فالمحض في الإخلاص كالذهب الخلاص

حفظ العهود والوفا حق لإخوان الصفا

عاملهم بالصدق واصحب بحسن الخلق

والعدل والإنصاف وقلة الخلاف

ولاقهم بالبشر وحيهم بالشكر

صفهم بما يستحسن واخف ما يستهجن

وإن رأيت هفوة فانصحهم في خلوة

بالرمز والإشارة وألطف العبارة

إياك والتعنيفا والعذل والعنيفا

وإن ترد عتابهم فلا تسيء خطابهم

وأحسن العتاب ما كان في كتاب

والعتب بالمشافهة ضرب من المسافهة

وعن إمام نجل فاتك كل فحل

عاتب أخاك الجاني بالبر والإحسان

حافظ على الصديق في الوسع والمضيق

فهم نسيم الروح ومرهم الجروح

وفي الحديث الناطق عن الإمام الصادق

من كان ذا حميم ينجي من الجحيم

لقول أهل النار وعصبة الكفار

فما لنا من شافع ولا حميم نافع

فالقرب في الخلائق أمن من البوائق

فقارب الأخوانا وكن لهم معوانا

لا تسمع المقالا فيهم وإن توالا

فمن أطاع الواشي سار بليل عاش

وضيع الصديقا وكذب الصديقا

واإن سمعت قيلا يحتمل التأويلا

Page 3

فاحمله خير محمل فعل الرجال الكمل وإن رأيت وهنا فلا تسمهم طعنا

فالطعن بالكلام عند أولي الأحلام

أنفذ في الجنان من طعنة السنان

فعد من زلاتهم وسد من خلاتهم

سل عنهم إن غابوا وزرهم إن آبوا

واستنب عن أحوالهم وعف عن أموالهم

أطعهم إن أمروا وصلهم إن هجروا

فقاطع الوصالا كقاطع الأوصالي

إن نصحوك فاقبل وإن دعوك أقبل

واصدقهم في الوعد فالخلف خلف الوغد

واقبل إذا ما اعتذروا إليك مما ينكر

وارع صلاح حالهم واشفق على محالهم

وكن له غياثا اذ الزمان عاثا

***

AUTO فصل في الحث على إعانة الإخوان

===================

حقيقة الصديق تعرف عند الضيق

وتخبر الإخوان إذا جفى الزمان

لا خير في إخاء يكون في الرخاء

وإنما الصداقة في العسر والإضاقة

لا تدخر المودة إلا ليوم الشدة

ولا تعد الخلة إلا لسد الخلة

أعن اخاك واعضد وكن له كالعضد

لا سيما إن قعدا به زمان أو عدا

بئس الخليل من نكل عن خله إذا اتكل

لا تجف في حال أخا ضن الزمان أو سخا

وإن شكى من خطبه فرم من اللطف به

وكن له كالنور في ظلمة الديجور

ولا تدع ولا تذر ما تستطيع من نظر

حتى يزول الهم ويكشف الملم

إن الصديق الصادقا من فرج المضائقا

وأكرم الإخوانا إذا شكوا هوانا

وأسعف الحميما وحمل العظيما

وأنجد الأصحابا إن ريب دهر رابا

أعانهم بماله ونفسه وآله

ولا يرى مقصرا في بذل مال أو قرا

فعل أبي امامة في خله الحمامة

فإن اردت فاسمع لكي تعي

حكاية الفأر والحمامة

حكى أريب عاقل لكل فضل ناقل

عن سرب طير سارب

من الحمام الراعبي

بكر يوما سحرا وسار حتى أصحرا

في طلب المعاش وهو ربيط الجاش

فأبصروا على الثرا حبا منقا نثرا

فأحمدوا الصباحا واستيقنوا النجاحا

فأسرعوا إليه وأقبلوا عليه

حتى إذا ما اصطفوا حذاءه أسفوا

فصاح منهم حازم لنصحهم ملازم

مهلا فكم من عجلة أدنت لحي أجله

تمهلوا لا تقعوا وأنصتوا لي واسمعوا

آليتكم بالرب ما نثر هذا الحب ؟

في هذه الفلات إلا لخطب عاتي

إني أرى حبالا قد ضمنت وبالا

Page 4

وهذه الشباك في ضمنها هلاك فكابدوا المجاعة وأنتظروني ساعة

حتى أرى واختبر والفوز حق المصطبر

فأعرضوا عن قوله واستضحكوا من حوله

قالوا وقد خط القدر للسمع منهم والبصر

ليس على الحق مرا حب معد للقرا

ألقي في التراب للأجر والثواب

ما فيه من محذور لجائع مضرور

أغدوا على الغذاء فالجوع شر داء

فسقطوا جميعا للقطه سريعا

وما دروا أن الردى أكمن في ذاك الغدا

فوقعوا في الشبكة وأيقنوا بالهلكة

وندموا وما الندم مجد وقد زل القدم

فأخذوا في الخبط لحل ذاك الربط

فالتوت الشباك والتفت الأشراك

فصاح ذاك الناصح ما كل سعي ناجح

هذا جزاء من عصى نصيحه وانتقصا

للحرص طعم مر وشره شمر

وكم غدت أمنية جالبة منية

فقالت الجماعة دع الملام الساعة

إن أقبل القناص فما لنا مناص

والفكر في الفكاك من ورطة الهلاك

أولى من الملام وكثرة الكلام

وما يفيد اللاحي في القدر المتاح

فاحتل على الخلاص كحيلة إبن العاص

فقام ذاك الحازم طوع النصوح لازم

فإن أطعتم نصحي ظفرتم بالنجح

وإن عصيتم أمري خاطرتم بالعمر

فقال كل هات فكرك بالنجاة

جميعنا مطيع وكلنا سميع

وليس كل وقت يزول عقل الثبت

فقال لا تحركوا فتستمر الشبكوا

واتفقوا في الهمة لهذه الملمة

حتى تطيروا بالشبك وتأمنوا من الدرك

ثم الخلاص بعد لكم علي وعد

فقبلوا مقاله وامتثلوا ما قاله

واجتمعوا في الحركة وارتفعوا بالشبكة

فقال سيروا عجلا سيرا يفوت الأجلا

ولا تملوا فالملل يعوق فالخطب جلل

فأمهم وراحوا كأنهم رياح واقبل الحبال

في مشيه يختال يحسب أن البركة

قد وقعت في الشبكة

فأبصر الحماما قد حلقت أمامه

وقلت الحبالة وأوقعت خباله

فعض غيضا كفه على ذهاب الكفه

فراح يعدو خلفها يرجو اللحاق سفها

حتى إذا ما أيسا عاد وهو مبتئسا

وأقبل الحمام كأنه غمام

على فلاة قفر من الأنام صفر

فقالت الحمامة بشراكم السلامة

هذا مقام الأمن من كل خوف يعني

فإن أردتم فقعوا لا يعتريكم فزع

فهذه المومات لنا بها النجات

Page 5