وعندما تتكون لدى المرء فكرة العدد، والهوية الأساسية التي تعبر عن تركيبه، وهي 1 × ن = ن × 1، يمكنه تصوره فكرة تكوين العدد الواحد، بطرق كثيرة مختلفة، كلها متساوية، وأن يحدد العلاقة بين الأعداد بعضها ببعض، فيستخلص من الهوية 3 + 1 = 4، التي هي تعريف العدد 4، أن 2 + 2 = 4 إلخ وبهذا يتكون الحساب.
وسنرى في الفصل القادم، حين نعرض مشاكل فلسفة الرياضيات الحديثة، مدى التوسع الذي طرأ على علوم الامتداد والعدد.
الفصل السادس
منهج العلوم الرياضية
رأينا في الفصل السابق أن العلوم الرياضية الأساسية (الهندسة والميكانيكا والحساب) قد عملت تدريجيا خلال تأريخها على تحديد موضوعها بدقة. فأصبح تركيبها يتسم بانضباط يتزايد دون انقطاع، وهي تعد اليوم بحق، بناء محكما إلى حد بعيد، ومما له أهميته، حتى من وجهة نظر الفيلسوف، أن نفحص سبب هذا الإحكام، وأن نتبين بوضوح دقة تسلسل التفكير الرياضي.
ولقد حدث بالفعل، منذ أكثر من قرن من الزمان، أن أخذ كثير من الرياضيين على عاتقهم مهمة القيام بتحليل نظري لذلك العلم بعد نشأته. ففكروا في مبادئ علمهم، أي في البديهيات والمعاني التي تعد أساسا للرياضيات. ولفكرة البديهية
axiome
معنى حديث مختلف عن المعنى التقليدي لهذه الكلمة كل الاختلاف فالمبادئ تكون مشروعة في نظر التفكير الرياضي الحديث إذا كانت تسمح بتشييد علم متماسك منتج، لا لأنها تنطوي في ذاتها على بداهة مطلقة.
والاستدلال الرياضي دقيق منتج، وهو في أساسه تعميمي كما أثبت ذلك بوانكاريه، متخذا من الاستدلال الترديدي
recurrence
Unknown page