293

Al-manṭiq wa-falsafat al-ʿulūm

المنطق وفلسفة العلوم

Genres

وإذن فلن يدهشنا أن نرى أن الحدس هو جوهر الشعور الجمالي والشعور الديني.

20

ذلك لأن الانفعال الجمالي إنما هو تعاطف، والشعور الديني هو الشعور بالاتحاد مع المبدأ الخالق للعالم، فهو «متعة في المتعة، وحب لما لا يكون إلا حبا.»

21

وبالاختصار، فبينما يبني العقل الأساليب الفنية العملية والعلم، فإن الحدس هو الملكة المميزة للفن، وللميتافيزيقا، وللأخلاق وللدين.

النزعة العلية والبرجسونية

لن يتسنى لنا أن نعالج في هذا المجال المشكلة الضخمة التي أثارها برجسون، أعني مشكلة العلاقات بين العقل والقلب، إن جاز هذا التعبير. ولن نبحث هنا إلا في التفكير العلمي. والوجه الوحيد الذي يهمنا في المشكلة هو: هل التفكير العلمي في حاجة إلى نوع من المعرفة الحدسية؟ وإن كان الأمر كذلك فهل هذا النوع أعلى من المعرفة العقلية؟ (1) حقيقة الحدس

لن نجد صعوبة كبيرة في الإجابة عن السؤال الأول، ويمكننا أن ندرك، دون مشقة الدور الذي يؤديه الحدس في العلم.

ومن المفهوم بالطبع أن كلمة الحدس يجب ألا تدل، في هذا الصدد، على الإدراك الحسي والخيال، كما يحدث في أحيان كثيرة، ومن هذا القبيل تفرقة هنري بوانكاريه بين طائفتين من علماء الرياضة: أولئك الذين هم منطقيون بفطرتهم وأولئك الذين هم «حدسيون»، أي يحتاجون إلى «رؤية» الأشكال، في الواقع أو في الخيال، فليس هذا هو المعنى الذي نقصده.

وهاك الطريقة التي نعتقد أنها توصل إلى الكشف عن الحدس، وذلك بالتساؤل عما يعنيه «فهم استدلال»، كالاستدلال الرياضي مثلا، فيبدو لنا الإدراك العقلي لأي استدلال ينطوي على أربعة أفعال متميزة: (أ)

Unknown page