Al-manṭiq wa-falsafat al-ʿulūm
المنطق وفلسفة العلوم
Genres
تدل كلمة التحليل، في أصلها الاشتقاقي على «التفكيك». ولكن يجب أن نميز بين أنواع من التحليل، تبعا لطبيعة الشيء الذي يفكك، وللنتائج التي نتوصل إليها. (أ) التحليل المادي: وهو تفكيك كتلة من المادة إلى أجزائها المكونة لها، سواء أكانت هذه الأجزاء متجانسة (كما في التجزئة البسيطة للكتلة) أم غير متجانسة (للتمييز بين هذه الأجزاء في نفس الوقت الذي تفككها فيه، ولكي نكشف عن واحد منها له خواص تهمنا، كما يفعل الصيدلي). والحق أن كلمة «التحليل» بمعناها الصحيح، لا تستخدم إلا بالمعنى الثاني. (ب) التحليل التصوري: وهو تفكيك تصور إلى «صفاته» لتحديد مفهومه والتوصل إلى تعريفه. وكثيرا ما يساعد على القيام بهذا التحليل، تفكيك «اللفظ» على نحو يكشف عن أجزاء المعنى، عن طريق نهاياتها وأصلها، وصورها المتغيرة. (1) الأحكام التحليلية والأحكام التركيبية
هذا النوع من التحليل هو الذي كان يفكر فيه «كانت» عندما وصف أحكاما معينة بأنها «تحليلية».
2
وتلك هي الأحكام التي ينطوي موضوعها على محمولها
praedicatum inest subjecto
على حد تعبير ليبنتز وفي هذا يقول «كانت».
عندما أقول مثلا: كل الأجسام ممتدة، فهذا حكم تحليلي، إذن أنني لست في حاجة إلى الخروج عن المفهوم الذي أربطه بكلمة: جسم، للوصول إلى الامتداد المرتبط به؛ بل يكفيني أن أفككه، أي أن أستحضر عناصر المتباينة التي أتصورها دائما فيه، لكي أهتدى دائما إلى هذا المحمول. فالأحكام التحليلية في أساسها أحكام تقوم على تحصيل الحاصل. وهي لا تحتاج كما يقول «كانت» إلى أي مبدأ آخر سوى مبدأ الهوية.
وفي مقابل الأحكام التحليلية، يقول «كانت» بالأحكام التركيبية التي عرفها بأنها «تلك التي يكون محمولها خارجا تماما عن موضوعها، مع ارتباطه به». وبعبارة أخرى فهي تلك التي «نتصور فيها ارتباط المحمول بالموضوع دون هوية بينهما. فمثلا، عندما أقول: كل الأجسام لها وزن يكون المحمول شيئا مختلفا تماما عما يطرأ على ذهني بصدد مفهوم الجسم وحده بوجه عام.»
والأحكام التركيبية تدخل ضمنها أولا كل أحكام التجربة: والمثال الذي يضربه «كانت» هو في الواقع، على نحو ما، نص قانون نيوتن. ولكنه أضاف قائلا
3 «إن الأحكام الرياضية كلها تركيبية.» وبرهن على قضيته هذه بتفسير أبسط قضية حسابية كالقضية 7 + 5 = 12، بأنها قضية لا نصل إليها عن طريق تحليل التصورات، وإنما عن طريق «تركيب» أو عملية معينة.
Unknown page