فقد أدى هذا التحول إلى ظهور آراء غريبة في مجال الكونيات؛ إذ تبين أن هذه الظاهرة، التي لوحظت أولا في أشعة مضيئة يبعثها «رفيق سيريوس
Sirius » وهو نجم مجاور لسيريوس ويدور حوله)، يمكن ملاحظتها بالنسبة إلى كل سديم، وأنها تزداد أهمية كلما ازداد السديم بعدا. وفي هذه الحالة تكون ظاهرة تحول ألوان الطيف إلى الأحمر «ظاهرة مكبرة» وتصبح الألوان فوق البنفسجية ألوانا زرقاء.
ولما كانت كل السدم البعيدة تتمثل فيها هذه الظاهرة الطيفية، فلا بد من الاعتراف بأن كل السدم البعيدة تتباعد عن الأرض. وإذن فالكون يكبر بلا انقطاع. وتلك هي الفكرة المعروفة باسم الكون المتزايد في امتداده، ولقد كان أول من توسع في تحديد الصيغ الرياضية لهذه الفكرة هو الفلكي الإنجليزي «إدنجتن»، ثم توسع فيها من بعده البلجيكي الأب لومتر
Lemaitre .
وسرعان ما ظهرت فروض أخرى حول تركيب الكون، ولكن يجب أن نلاحظ أنها تنطوي جميعا على عمليات رياضية معقدة، وإذا لم يتذكر المرء أن الصورة التي نكونها عن الكون إنما هي تعبير عن آراء رياضية شيدت بدقة عظيمة، ورتبت فيما بينها بإحكام هائل. كان في هذا ما يهدد بضياع قيمة هذه الصورة.
ومع ذلك فلزام علينا أن ننبه إلى أن هذه النظريات وإن كانت محكمة الترابط في ذاتها، إلا أنها متعددة، وإن كثرتها وتباينها لكفيلان بأن ينبها الفيلسوف إلى أن يقف منها موقف الحذر، فلا ينسب إليها حقيقة نهائية. والحق أن تطور النظريات الكونية منذ نصف قرن يثبت بوضوح كاف أن هذه النظريات تمثل آراء تركيبية يلخص بها العالم معرفة عصر ما.
الفصل الحادي عشر
النظريات الحالية في العلوم الفيزيائية
تطور المذهب الذري - ميكانيكا الكم
الميكانيكا التموجية - الروح العلمية الجديدة
Unknown page