253

Kitab al-Manazir

كتاب المناظر

Genres

[226] وقد يتقوم الحسن من معنى آخر غير كل واحد من المعنيين اللذين ذكرناهما، وهو التناسب والائتلاف. وذلك أن الصور المركبة المتألفة من أعضاء مختلفة وأجزاء مختلفة يحصل لأجزائها أشكال مختلفة وأعظام مختلفة وأوضاع مختلفة واتصال وافتراق، ويحصل في كل واحد منها عدة معان من المعاني الجزئية، وليس جميعها يكون متناسبا ومتألفا. وذلك أنه ليس كل شكل يحسن مع كل شكل ولا كل عظم يحسن مع كل عظم ولا كل وضع يحسن مع كل وضع، ولا كل شكل يحسن مع كل عظم ولا كل عظم مع كل وضع، بل كل واحد من المعاني الجزئية يناسب بعض المعاني ويباين بعضها، وكل مقدار فهو يناسب بعض المقادير ويباين بعضها. ومثال ذلك قنو الأنف مع غؤور العينين غير مستحسن، وكذلك كبر العينيين مع كبر الأنف المسرف الكبر غير مستحسن، وكذلك نتوء الجبهة مع غؤور العينين غير مستحسن وتطامن الجبهة مع جحوظ العينين غير مستحسن. فلكل عضو من الأعضاء شكل وأشكال تحسن صورته، ومع ذلك فكل شكل من أشكال كل واحد من الأعضاء إنما يناسب بعض الأشكال التي للأعضاء الباقية دون بعضها، وتحسن الصورة باجتماع الأشكال المناسة لأعضاء الصورة.

[227] وكذلك أعظام الأعضاء وأوضاعها وترتيبها. فإن كبر العينين مع حسن شكلها ومع قنو الأنف وبالاعتدال وبالعظم المناسب لكبر العينين مستحسن. وكذلك تلويز العينين وحلاوة شكلها وإن صغرتا مع دقة الأنف واعتدال شكله ومقداره إذا اجتمعا في الوجه كان مستحسنا. وكذلك دقة الشفتين مع لطافة الفم مستحسن إذا كانت لطافة الفم مناسبة لدقة الشفتين، أعنى أن لا تكون الشفتان في غاية الدقة والفم ليس في غاية الصغر، بل يكون صغر الفم معتدلا والشفتان دقيقتين ومع ذلك مناسبة لمقدار الفم. وكذلك سعة الوجه إذا كان مناسبا لمقادير أعضاء الوجه كان مستحسنا، أعني أن لا يكون الوجه في غاية السعة وأعضاء الوجه صغارا أعني <غير> مناسبة لمقدار جملة الوجه. فإن الوجه إذا كان واسعا مسرف السعة وكانت الأعضاء التي فيه صغارا غير مناسبة لمقداره كان الوجه غير مستحسن وإن كانت مقادير الأعضاء متناسبة وأشكالها مستحسنة. وكذلك إن كان الوجه صغيرا ضيقا وأعضاؤه كبارا غير مناسبة لمقداره كان الوجه مستقبحا. وإذا كانت الأعضاء متناسبة ومناسبة لمقدار سعة الوجه فإن الصورة تكون مستحسنة وإن لم يكن كل واحد من الأعضاء على انفراده مستحسنا في شكله ومقداره.

[228] بل التناسب فقط قد يفعل الحسن إذا لم تكن الأعضاء على انفرادها مستقبحة وإن لم تكن في غاية حسنها. فإذا اجتمع في الصورة حسن أشكال كل واحد من أجزائها وحسن مقاديرها وحسن تأليفها وتناسب الأعضاء في الأشكال والأعظام والأوضاع وجميع المعاني التي يقتضيها التناسب، وكانت مع ذلك مناسبة لجملة شكل الوجه ومقداره، فهو غاية الحسن. والصورة التي يحصل فيها بعض هذه المعاني دون بعض يكون حسنها بحسب ما فيها من المعاني المستحسنة.

Page 314