214

Kitab al-Manazir

كتاب المناظر

Genres

[135] فأما إدراك العظم، وهو مقدار المبصر، فإن كيفية إدراكه من المعاني الملتبسة. وقد اختلف أصحاب التعاليم في كيفية إدراك العظم: فرأى جمهور أصحاب التعاليم أن مقدار عظم المبصر إنما يدركه البصر من مقدار الزاوية التي تحدث عند مركز البصر التي يحيط بها سطح مخروط الشعاع المحيط قاعدته بالمبصر، وأن البصر يقيس مقادير المبصرات بمقادير الزوايا التي تحدثها الشعاعات التي تحيط بالمبصرات عند مركز البصر، ولا يعولون في إدراك العظم إلا على الزوايا فقط ولا يعتدون بشيء غيرها في إدراك العظم. وبعضهم يرى أن إدراك العظم ليس يتم من القياس بالزوايا فقط، بل ليس يتم إدراك العظم إلا باعتبار البصر لبعد المبصر واعتباره لوضعه مع القياس بالزوايا.

[136] والصحيح أنه ليس يصح أن يكون إدراك البصر لمقادير المبصرات من القياس بالزوايا التي توترها المبصرات عند مركز البصر فقط. وذلك أن المبصر الواحد ليس يختلف مقداره عند البصر إذا اختلفت أبعاده اختلافا ليس بالمتفاوت. فإن المبصر إذا كان قريبا من البصر وأدرك البصر مقداره ثم تباعد عن البصر مقدارا ليس بالمتفاوت فليس يصغر مقداره عند البصر وليس يدرك البصر مقداره إلا على مثل ما كان يدركه من البعد الأول إذا كان البعد الثاني من الأبعاد المعتدلة. وجميع المبصرات المألوفة ليس يختلف مقدار الواحد منها عند البصر إذا اختلفت أبعاده وكانت أبعاده مع اختلافها من الأبعاد المعتدلة.

[137] وكذلك الأشخاص المتساوية المختلفة الأبعاد إذا كان بعد أبعادها من الأبعاد المعتدلة فليس يدركها البصر لا متساوية. والزوايا التي يوترها المبصر الواحد من الأبعاد المختلفة المعتدلة تكون مختلفة اختلافا له قدر. فإن المبصر إذا كان بعده من البصر بعد ذراع ثم تباعد عن البصر حتى يصير بعده بقدر ذراعين فإن الزوايتين اللتين تحدثان عند البصر من ذلك المبصر يكون بينهما تفاضل له قدر. وليس يدرك البصر المبصرمن بعد ذراعين أصغر ما يدركه من بعد ذراع واحد. وكذلك إن تباعد المبصرعن البصر ثلث أذرع وأربع أذرع فليس يرى أصغر مما كان يرى من البعد الأول. وإذا تباعد المبصر عن البصر أضعاف بعده الأول اختلفت الزوايا التي يحدثها عند البصر اختلافا متفاوتا. وكذلك المبصرات المتساوية التي أبعادها على هذه الصفة تكون الزوايا التي توترها عند مركز البصر مختلفة اختلافا متفاوتا، ومع ذلك فليس ترى مقاديرها مختلفة ولا ترى إلا متساوية.

Page 274