190

Maliyat Misr

مالية مصر من عهد الفراعنة إلى الآن

Genres

وقال أيضا بالصفحة 155:

حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن وهب، عن محمد بن عمرو، عن ابن جريج أن رجلا أسلم على عهد عمر بن الخطاب فقال: ضعوا الجزية عن أرضي. فقال عمر: لا، إن أرضك فتحت عنوة. قال عبد الملك وقال مالك بن أنس: ما باع أهل الصلح من أرضهم فهو جائز لهم، وما فتح عنوة فإن ذلك لا يشتري منهم أحد ولا يجوز لهم بيع شيء مما تحت أيدهم من الأرض؛ لأن أهل الصلح من أسلم منهم كان أحق بأرضه وماله، وأما أهل العنوة الذين أخذوا عنوة، فمن أسلم منهم أحرز إسلامه نفسه وأرضه للمسلمين؛ لأن أهل العنوة غلبوا على بلادهم وصارت فيئا للمسلمين، ولأن أهل الصلح إنما هم قوم امتنعوا ومنعوا بلادهم حتى صالحوا عليها، وليس عليهم إلا ما صالحوا عليه، ولا أرى أن يزاد عليهم ولا يؤخذ منهم إلا ما فرض عمر بن الخطاب؛ لأن عمر خطب الناس فقال: قد فرضت لكم الفرائض وسنت لكم السنن وتركتم على الواضحة. قال: وأما جزية الأرض فلا علم لي ولا أدري كيف صنع فيها عمر، غير أن قد أقر الأرض فلم يقسمها بين الناس الذين افتتحوها، فلو نزل هذا بأحد كنت أرى أن يسأل أهل البلاد أهل المعرفة منهم والأمانة كيف كان الأمر في ذلك، فإن وجد من ذلك علما يشفي وإلا اجتهد في ذلك هو ومن حضره من المسلمين. ا.ه.

ويستنتج مما رواه ابن عبد الحكم أن عمرو بن العاص فرض على كل فدان مزروع حبا نصف إردب قمح (3 ويبات أو 6 كيلات)، وويبتين من الشعير (4 كيلات)، ومجموع ذلك خمس ويبات أو عشر كيلات من الحبوب عن كل فدان مساحته 5929 مترا مربعا، أي ثلاث ويبات ونصف ويبة، أو سبع كيلات عن كل فدان مساحته 4200 متر مربع. أما الأرض المزروعة برسيما فلم يفرض عليها خراج.

ولأجل أن نعرف قيمة هذا الخراج العيني يلزمنا تقدير عدد الأفدنة التي كانت تزرع قمحا وشعيرا.

لقد سبق القول بأن عدد الأشخاص الذين فرض عليهم عمرو الجزية كان 6000000 نفس، وأبنا أن هذا العدد لا بد أن يكون ثلث السكان، وعلى ذلك يكون مجموعهم 18000000 نسمة، وإن كان ابن عبد الحكم قد نقل عن يحيى بن ميمون الحضرمي في كتابه «فتوح مصر» (ص87) أن الإحصاء الذي عمله عمرو أسفر عن 8000000 شخص فرضت عليهم الجزية، وعلى ذلك يكون مجموع عدد السكان 24000000 نسمة. وسبق لنا القول أيضا بأن مجموعا حاشدا كهذا لا بد له من 6 ملايين من الأفدنة المزروعة من بينها 4 ملايين فدان تزرع قمحا وشعيرا، وبضرب هذا العدد في 7 كيلات خراج الفدان يكون الناتج 2333333 إردبا، وبضرب هذا في 35 قرشا ثمن الإردب يكون الناتج 816666ج.م تقريبا وهو جملة الخراج، ويكون خراج الفدان الواحد

من القروش.

وقال اليعقوبي في تاريخه ج2 ص176 و177:

في هذه السنة فتح عمرو بن العاص الإسكندرية وسائر أعمال مصر، واجتباها أربعة عشر ألف ألف دينار (8400000ج.م) من خراج رءوسهم، لكل رأس دينارا، وخراج غلاتهم من كل مائة إردب إردبين. ا.ه.

وبما أننا قدرنا المساحة المزروعة في هذا العصر بستة ملايين من الأفدنة، فليس يوجد ما لا يجعلنا نعتقد بأن المحصول كان كما في عصر الفراعنة ستين مليون إردب، حتى يمكن بذلك تموين عدد السكان الجسيم في ذلك العصر.

هذا، وقد ذكر المسعودي كما جاء في كتاب «الخطط التوفيقية» لعلي مبارك باشا (ج18 ص5) - وقد سبق ذكر ذلك - أن عمرو بن العاص بنى مقياسا بحلوان، وسبب بنائه لهذا المقياس أنه لما فتح مصر اتصل إلى علم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ما يلقى أهلها من الغلاء عند وقوف النيل عن الحد الذي في مقياس لهم، وأن الاستشعار يدعوهم إلى الاحتكار، ويدعو الاحتكار إلى تصاعد الأسعار بغير قحط؛ فكتب عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص يسأله عن شرح الحال، فأجابه عمرو: إني وجدت ما تروى به مصر حتى لا يقحط أهلها، أربعة عشر ذراعا، والحد الذي يروى منه سائرها حتى يفضل عن حاجتهم ويبقى عندهم قوت سنة أخرى ستة عشر ذراعا. ا.ه.

Unknown page