وكان ما كان من أمر الإسكندر وداريوس في إسوس وغوغملة. ودالت دولة الفرس واستولى الإسكندر عليها، فدخلت فلسطين في طاعته في السنة 332 قبل الميلاد. فأبقى الإسكندر الحاكم الفارسي في منصبه في السامرة، وعين أنذروماخوس المقدوني قائدا إلى جانبه. ولم يذهب إلى أوروشليم ولم يقدم الذبائح في هيكلها كما شاع فيما بعد.
9
ثم قضى الإسكندر في بابل في السنة 323، فنشب عراك هائل لم يكن يخمد قليلا إلا لينشب من جديد، اضمحلت في أثنائه أسرة الإسكندر ووالدته معها، وقامت بين الطامعين حروب دامية، فانقسمت مملكة الإسكندر إلى ثلاثة أقسام في أوروبة وآسية وأفريقية، ورأس كل قسم منها أحد قواده أو خلفائه، فاستولى على مقدونية أنتيغونوس حفيد أنتيغونوس القائد الكبير، وكان نصيب القائد سلوقوس معظم ما كان يعرف قبلا بمملكة الفرس في آسية، ونصيب بطليموس أدهى قواد الإسكندر بلاد مصر في أفريقية، وتنازع السلاقسة والبطالسة حكم سورية الجنوبية «المجوفة» ومنها فلسطين، فحكمها البطالسة قرنا كاملا من الزمن هو القرن الثالث قبل الميلاد. وتساهل البطالسة وتسامحوا، فأحبهم اليهود وأموا عاصمتهم الإسكندرية وتكاثروا فيها، وأقبلوا على تعلم اللغة اليونانية وآدابها وبرع بعضهم بها، وتناسوا العبرية فاضطروا إلى نقل أسفارهم المقدسة إلى اليونانية، فكانت الترجمة السبعينية في عهد بطليموس فيلادلفوس في أواسط القرن الثالث قبل الميلاد (285-246).
السلاقسة واليهود
واستغل أنطيوخس الثالث العظيم ظروف البطالسة الداخلية، فاكتسح سورية الجنوبية «المجوفة» بأكملها، وأدخل، في حوالي السنة 198 قبل الميلاد، فلسطين في طاعته، وخلفه سلوقوس الرابع (187-175) فأنطيوخوس الرابع (175-164)، ومضى هذا في سياسة التهلين التي اختطها الإسكندر نفسه، وحاول تطبيقها كثيرون من خلفائه في الشرق، فحض على التخلق بأخلاق اليونان، وعلى اقتباس الكثير من عاداتهم وعلومهم وفنونهم، وعلى احترام آلهتهم. وحاول تهلين اليهود في فلسطين، «فخرج من هؤلاء أبناء منافقون، فأغروا كثيرين قائلين: هلموا نعقد عهدا مع الأممم حولنا، فإنا منذ انفصلنا عنهم لحقتنا شرور كثيرة»، فحسن هذا الكلام في عيون البعض، وبادروا يصنعون بحسب أحكام الأمم.
10
ونسي أنطيوخوس درجة تمسك اليهود بسننهم وتقاليدهم ودينهم، وفاته ما قاله هامان لأحشوروش الملك الفارسي أنهم على انتشارهم وتفرقهم لا يحفظون سنن الملك.
11
فلما كتب أنطيوخوس إلى أوروشليم ومدن يهوذا أن يبتنوا مذابح وهياكل ومعابد للأصنام، وأن يذبحوا الخنازير والحيوانات النجسة، ويتركوا بنيهم قلفا، ويعذروا نفوسهم بكل نجاسة
12
Unknown page