وعن الحسن عن الأسود قال: "كنت أنشده - يعني النبي ﷺ ولا أعرف أصحابه، حتى جاء رجل بعيد ما بين المنكبين أصلع، فقيل: "اسكت"، فقلت: واثكلاه من هذا الذي أسكت له عند النبي ﷺ؟ فقيل: عمر بن الخطاب، فعرفت والله بعد أنه كان يهون عليه لو سمعني أن لا يكلمني حتى يأخذ برجلي فيجرني إلى البقيع"١٢.
فإن٣ قال قائل: "كيف / [١٤ / أ] تسمى ما يسمعه رسول الله ﷺ باطلًا وهو محاشى عن٤ الباطل؟
قال ابن الجوزي: "الجواب أنه لما كان الشعراء - كما قال الله عزوجل - ﴿فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ﴾، [الشعراء: ٢٢٥] . ويجئ منهم ما يصلح وما لا يصلح، وقال هذا الشاعر للنبي ﷺ: "إني قد حمدت ربي بمحامد سمع منه، فلو قد ذكر في قصي دته ما لا يصلح لأنكره عليه برفق، كما أنكر على نساء قلن:
١ البقيع: مقبرة أهل المدينة شرقي المسجد النبوي. (معجم البلدان ١/٤٧٣، ومعجم معالم الحجاز ١/٢٤٤) .
٢ أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ١/٦٥، رقم: ٠، ٨١٩، وأبو نعيم في الحلية ١/٤٧، وأحمد مختصرًا فيما أخرجه المقدسي في أحاديث الشعر ص ٧٩، مع أن ابن المديني قال في كتابه: العلل ص ٥٥، "والحسن عندنا لم يسمع من الأسود؛ لأن الأسود خرج من البصرة أيام علي وكان الحسن بالمدينة". ولكن لا شك في سماعه بعد تصريحه عند جمهور المحدثين. (وانظر: حاشية أحمد شاكر على صحيح ابن حبان ١/٢٩٩) .
٣ قوله: (فإن)، سقط من الأصل.
٤ في الأصل رسمها: (محاسبي على)، وهو تحريف.