17

Mahd Sawab

محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب

Investigator

عبد العزيز بن محمد بن عبد المحسن الفريح

Publisher

عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية ومكتبة أضواء السلف

Edition Number

الأولى

Publication Year

1420 AH

Publisher Location

المدينة النبوية والرياض

المناصب. وهذا يدل على التساهل من حكام المماليك في تطبيق أحكام أهل الذمة، ويبدو أن كلامه كان له أثر عند بعض حكام المماليك ولاسيما (ركن الدّين الجاشنكير) الذي بادر إلى عزلهم من الوظائف الحكومية، ثم أغلقت كنائسهم، وكتب بذلك إلى جميع نواب السلطة، فجمع النصارى واليهود في دمشق ومنعوا ركوب الخيل والبغال، ونودي بإلزامهم بشعار أهل الذمة١. على أن هذه الإجراءات الشديدة سرعان ما خففت وأعيد استخدام اليهود والنصارى في المناصب الحكومية وبقي الزيّ، بل كان اليهود يتولون المناصب الهامة في مصر والشام، فكان هناك كاتب سامري، أي: جابي ضرائب ويعرف بابن إبليس السامري، وكان يلح في الطلب على المسلمين ومن أراد تأخيره منهم أو مسامحته بجبي المال يقطع عنه الطلب مقابل أخذه نصف المبلغ المستحق له شخصيًا، ثم يشطب اسمه من قائمة الطلب، والناس معه في الذل والهوان، ولاسيما متولي الأوقاف، وأكثر الناس يتوددون إليه، وهو لا يزداد إلا طغيانًا٢. وكان معلم دار الضرب في دمشق يهوديًّا، وكان مع ذلك معززًا ومكرمًا، وهو الذي وصفه ابن طولون بأنه: "عدو الله وعدو رسوله وعدو المسلمين الذي أهلك النقدين". بل وصلت الجرأة عندهم في بعض الأحيان إلى إعلان دينهم وإيذاء المسلمين فقد جاء جماعة من نصارى الحبشة وعددهم ثلاثة آلاف نفس ودخلوا القدس لزيارة كنيسة القيامة، وكان رئيسهم يجلس على كرسي من ذهب، وأمر بضرب الناقوس، فوافق وقت الأذان، فلم يسمع الآذان،

١ القلقشندي: صبح الأعشى ١٣/٢٧١، ٢٨٠، ابن طلحة: العقد الفريد للملك السعيد ص: ١٨١، العلبي: دمشق بين عصر المماليك والعثمانيين ص: ٨٤. ٢ ابن شاكر: عيون التاريخ ١٢/ق ٢٠٥.

1 / 25