346

وحكى الشيخ المفيد قال : خرج الرشيد يوما من الكوفة للصيد فصار الى ناحية الغريين والثوية، فرأى هناك ظباء فأمر بارسال الصقور والكلاب المعلمة عليها، فحاولتها ساعة ثم لجأت الظباء الى أكمة، فتراجعت الصقور والكلاب عنها، فتعجب الرشيد من ذلك، ثم ان الظباء هبطت من الاكمة فسقطت الطيور والكلاب عليها، فرجعت الظباء الى الاكمة فراجعت الصقور والكلاب عنها مرة ثانية، ثم فعلت ذلك مرة اخرى، فقال الرشيد: اركضوا الى الكوفة فأتوا بأكبرها سنا، فأتي بشيخ من بني أسد، فقال الرشيد: أخبرني ما هذه الاكمة؟ فقال : وهل أنا آمن اذا أجبت السؤال ؟ فقال الرشيد : عاهدت الله على أن لا اوذيك، فقال : حدثني أبي عن آبائه انهم كانوا يقولون ان هذه الاكمة قبر علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليهما، جعله الله حرما آمنا يأمن من لجأ اليه .

أقول : من أمثال العرب السائرة (احمى من مجير الجراد) وقصة المثال ان رجلا من اهل البادية من قبيلة طي يسمى مدلج بن سويد كان ذات يوم في خيمته فاذا هو بقوم من طي ومعهم أوعيتهم ، فقال : ما خطبكم ؟ قالوا : جراد وقع في فنائك فجئنا لنأخذه، فلما سمع مدلج ذلك ركب فرسه وأخذ رمحه وقال : ايكون الجراد في جواري ثم تريدون اخذه لا يكون ذلك، فما زال يحرسه حتى حميت الشمس عليه وطار ، فقال : شأنكم الان فقد تحول عن جواري .

وقال صاحب القاموس : ان ذا الاعواد لقب رجل شريف جدا من العرب قيل هو جد أكثم بن الصيفي كانت قبيلة مضر تجبي اليه الخراج، فلما هرم وبلغ الكبر كان يحمل على سرير فيطاف به بين قبائل العرب ومياهها فيجبى له، وكان شريفا مكرما ما لجأالى سريره خائف الا أمن، وما دنا من سريره ذليل الا عز، وما أتاه جائع الا أشبع ، انتهى .

Page 526