إن ذكرنا السماء رجع بنا الفكر إلى العناصر الثلاثة الأخرى، في وحدة الرباع الفريد، الخالدون هم رسل الربوبية، من جوهرها الأزلي المقدس يتجلى جوهر الإله لنا، أو يحجب جلاله عنا.
إن ذكرنا الخالدين فقد ذكرنا العناصر الثلاثة الأخرى، في وحدة الرباع الفريد، الأرض والسماء، الآلهة والفانون، كل منها مستقل بكيانه، غير أنها جميعا متحدة في نسق فريد، وكل عنصر منها يعكس - على طريقته - جوهر العناصر الثلاثة الأخرى، كل منها يعكس ذاته في داخل هذا النسق العجيب، وفي هذا الانعكاس يستضيء كل عنصر على حدة، كما تغمر الكل هالة من النور، كل منها مستقل بذاته متمتع بحريته، غير أن الوحدة التي تتألف منها جميعا وحدة ضرورية، سوف نطلق عليها اسم «العالم»، هي وحدة لا تعرف بالتفسير والتعليل؛ لأنها بسيطة كلية، إن جزأناها إلى عناصرها أو فسرناها بغيرها فقد غاب عنا جوهرها ومعناها.
الشيء يجمع العناصر الأربعة، والشيء يضم العالم - وهو الاسم الذي سمينا به وحدة الرباع الفريد - في لحظة وفي موضع سميناه بالشيء.
ليس وجود الإنسان مجرد وجود على الأرض وتحت السماء وأمام الخالدين، ولكنه كذلك وجود «مع» الأشياء، وفي الأشياء يتجمع الرباع الفريد كما قلنا، وعلى الإنسان أن يشعر بهذه الوحدة الأصيلة للعناصر الأربعة، وأن يبقي عليها في الأشياء، وذلك هو معنى وجوده وسكنه على الأرض،
14
بهذا نعود بالشيء إلى مملكته الأولى، إلى كهفه الأمين، وبهذا نكون قد اقتربنا من حقيقة الشيء والعالم والقرب في آن واحد!
حذاء فان جوخ
رأيان في الفن
نحن نسأل هنا عن الفن، والسؤال الجاد عن شيء هو سؤال عن حقيقته، ماذا نريد بالحقيقة؟ نريد بحقيقة الشيء ما يجعله «ما هو» و«كيف هو»، أي ما يكون الأصل في ماهيته وجوهره . وبالسؤال عن حقيقة الفن نسأل في نفس الوقت عن العمل الفني والفنان. وإذا قلنا: ما الذي يجعل العمل الفني عملا فنيا، كان الجواب: الفنان. وإذا قلنا: ما الذي يجعل الفنان فنانا؟ كان الجواب هو العمل الفني. ولن نستطيع أن نفكر في أحدهما دون الآخر. غير أن العمل الفني والفنان - على توثق العلاقة بينهما - لا يكفيان وحدهما، ولا بد من شيء ثالث يجمع بينهما ويكون حقيقتهما ويعطي اسمهما، هذا الشيء الثالث هو الفن.
1
Unknown page