Macarij Quds
معارج القدس
Publisher
دار الآفاق الجديدة
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٩٧٥
Publisher Location
بيروت
الأولى انما هِيَ الْحس فانه يجرد نوعا من التَّجْرِيد إِذْ لَا تحل فِي الحاس تِلْكَ للصورة بل مِثَال مِنْهَا إِلَّا أَن ذَلِك الْمِثَال انما يكون إِذا كَانَ الْخَارِج على قدر مَخْصُوص وَبعد مَخْصُوص ويناله مَعَ تِلْكَ الْهَيْئَة والوضع فَلَو غَابَ عَنهُ أَو وَقع لَهُ حجاب لَا يُدْرِكهُ
الْمرتبَة الثَّانِيَة ادراك الخيال وتجريده أتم قَلِيلا وأبلغ تحصيلا فَإِنَّهُ لَا يحْتَاج إِلَى الْمُشَاهدَة بل يدْرك مَعَ الغيبوبة إِلَّا أَنه يدْرك مَعَ تِلْكَ اللواحق والغواشي من الْكمّ والكيف وَغير ذَلِك
الْمرتبَة الثَّالِثَة إِدْرَاك الْوَهم وتجريده أتم وأكمل مِمَّا سبق فَإِنَّهُ يدْرك الْمَعْنى عَن اللواحق وغواشي الْأَجْسَام كالعداوة والمحبة والمخالفة والموافقة إِلَّا أَنه لَا يدْرك عَدَاوَة كُلية ومحبة كُلية بل يدْرك عَدَاوَة جزئية بِأَن يعلم أَن هَذَا الذِّئْب عَدو ومهروب عَنهُ وَإِن هَذَا الْوَلَد صديق مَعْطُوف عَلَيْهِ
الْمرتبَة الرَّابِعَة إِدْرَاك الْعقل وَذَلِكَ هُوَ التَّجْرِيد الْكَامِل عَن كل غاشية وَجَمِيع لواحق الْأَجْسَام بل جناب ادراكه منزه عَن أَن يحوم بِهِ لواحق الاجسام من الْقدر والكيف وَجَمِيع الاعراض الجسمية وَيدْرك معنى كليا لَا يخْتَلف بالاشخاص فَسَوَاء عِنْده وجود الاشخاص وَعدمهَا وسواسية لَدَيْهِ الْقرب والبعد بل ينفذ فِي أَجزَاء الْملك والملكوت وَينْزع الْحَقَائِق مِنْهَا ويجردها عَمَّا لَيْسَ مِنْهَا هَذَا ان كَانَ يحْتَاج الْمدْرك الى تَجْرِيد فَإِن كَانَ منزها عَن لواحق الاجسام مبرا عَن صفاتها فقد كفى الْمُؤْنَة فَلَا يحْتَاج إِلَى أَن يفعل بِهِ فعلا بل يُدْرِكهُ كَمَا هُوَ
1 / 62