Macarij Quds
معارج القدس
Publisher
دار الآفاق الجديدة
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٩٧٥
Publisher Location
بيروت
حَقِيقَة الادراك ومراتبه فِي التَّجْرِيد
إعلم أَن الادراك أَخذ صُورَة الْمدْرك وَبِعِبَارَة أُخْرَى الادراك أَخذ مِثَال حَقِيقَة الشَّيْء لَا الْحَقِيقَة الخارجية فان الصُّورَة الخارجية لَا تحل الْمدْرك بل مِثَال مِنْهَا فان المحسوس بِالْحَقِيقَةِ لَيْسَ هُوَ الْخَارِج بل مَا تمثل فِي الحاس فالخارج هُوَ الَّذِي المحسوس انتزع مِنْهُ والمحسوس هُوَ الَّذِي وَقع فِي الْحَال فشعر بِهِ وَلَا معنى لشعوره إِلَّا وُقُوعه فِيهِ وانطباعه بِهِ وَكَذَلِكَ الْمَعْقُول هُوَ مِثَال الْحَقِيقَة المرتسم فِي النَّفس لِأَن الْعقل يجرده عَن جَمِيع الْعَوَارِض واللواحق الغريبة ان كَانَ يحْتَاج إِلَى التَّجْرِيد
وَأما مَرَاتِب الادراكات فِي التَّجْرِيد فَاعْلَم أَولا أَن الْمدْرك الَّذِي يفْتَقر إِلَى تَجْرِيد لَا يَخْلُو فِي الْوُجُود الْخَارِجِي عَن لواحق غَرِيبَة وأعراض غاشية من قدر وَكَيف وَأَيْنَ وَوضع فَإِن الانسان مثلا لَهُ حَقِيقَة وَهُوَ الْحَيّ النَّاطِق وَتلك الْحَقِيقَة عَامَّة لأشخاص النَّوْع وَلَا تكون فِي الْوُجُود تِلْكَ الْحَقِيقَة لَا خَاصَّة وَلَا عَامَّة إِلَّا مَعَ لواحق غَرِيبَة فان الانسان لَو كَانَ عَاما لما كَانَ زيد الْخَاص انسانا وَلَو كَانَ خَاصّا بِأَن يكون زيد هُوَ الانسان لكَونه زيدا لما كَانَ عَمْرو انسانا لِأَن الشَّيْء إِذا كَانَ لذاته مَا وجد لغيره
فَإِذا فهمت هَذَا فَاعْلَم أَن مَرَاتِب المدركات مُخْتَلفَة فِي التَّجْرِيد عَن هَذِه الغواشي واللواحق وَهُوَ على أَربع مَرَاتِب
1 / 61