فَوقَكُم الطورَ خُذُوا" يقول: "فَقلنا لَكُم": "خُذُوا". كما تقول: "أَوْحَيتُ إليْهِ: قُمْ" كأنه يقول: "أَوْحَيْتُ إلَيْهِ فقلتُ له: "قُمْ "وكان في قولك [٤٦]: "أَوْحَيْتُ إلَيْهِ" دليل على أَنَّكَ قد قلت له.
﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾
أما قوله ﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ﴾ يقول: "ولَقَد عَرَفْتُمْ" كما تقول: "لقد علِمت زَيْدًا وَلَمْ أَكُنْ أَعلَمُه". وقال ﴿وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ﴾ يقول: "يَعْرِفُهُم". وقال ﴿لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ﴾ أي: لا تَعْرِفُهم نَحْنُ نَعْرِفهُم. واذا أردت العلم الآخر قلت: "قَدْ عَلِمْتُ زَيْدًا ظريفًا" لانك تحدث عن ظرفه. فلو قلت: "قدْ عَلِمْتُ زَيْدًا" لم يكن كلاما.
وأما قوله ﴿كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾ فلانك تقول: "خَسَأْتُهُ" "فَخَسِىءَ" "يَخْسَأُ خَسْأً شديدا" فـ"هُوَ خَاسِىءٌ" و"هُمْ خاسِئُون".
﴿فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ﴾
أما قوله ﴿فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا﴾ فتكون على القردة، وتكون على العقوبة التي نزلت بهم فلذلك أُنّثَت.