﴿بسم الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾ معانى القرآن للأخفش المعاني الواردة في آيات سورة (الفاتحة) ﴿بسم الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾ ﴿بِسْمِ اللهِِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾: "اسم" [في التسمية] صلة زائدة، زيدت ليخرج بذكرها من حكم القسم الى قصد التبرّك، لان اصل الكلام "بالله" وحذفت الألف من "بسم" من الخط تخفيفًا لكثرة الاستعمال واستغناء عنها بباء الالصاق في اللفظ والخط فلو كتبت "باسم الرحمن" او "باسم القادر" أو "باسم القاهر" لم تحذف الالف. والألف في "اسم" ألف وصل، لانك تقول: "سُمْيّ" وحذفت لانها ليست من اللفظ.

Unknown page

(اب) اسمٌ، لانك تقول اذا صغّرته: "سُمَيّ"، فتذهب الألف. وقوله: ﴿وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ﴾، وقوله: ﴿وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا﴾ فهذا موصول لانك تقول: "مُرَيَّة" و"ثُنَيَّا عشر". و[قوله]: ﴿فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا﴾ موصول: لانك تقول: "ثُنَيَّتا عشرةَ"، وقال: ﴿إِذْ أَرْسَلْنَآ إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا﴾، وقال: ﴿مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ﴾، لانك تقول في "اثنين": "ثُنَيِّيّن" وفي "آمرىء": "مُرَىّءِ" فتسقط الالف. وانما زيدت لسكون الحرف الذي بعدها لما ارادوا استئنافه فلم يصلوا الى الابتداء بساكن، فأحدثوا هذه الالف ليصلوا الى الكلام بها. فاذا اتصل [الكلام] بشيء قبله استغنى عن هذه الالف. وكذلك كل الف كانت في اول فعل او مصدر، وكان "يَفْعل" من ذلك الفعل ياؤه مفتوحة فتلك

1 / 3

ألف وصل نحو قوله: ﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ ﴿اهْدِنَا﴾ . لانك تقول: "يَهْدِي" فالياء مفتوحة. وقوله: ﴿أُوْلَائِكَ الَّذِينَ اشْتَرُواْ الضَّلاَلَةَ﴾ و[قوله]: ﴿ياهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا﴾، وقوله: ﴿عَذَابٌ [٤١] ارْكُضْ بِرِجْلِكَ﴾، وأشباه هذا في القرآن كثيرة. والعلة فيه كالعلّة في "اسم"، و"اثنين" وما أشبهه، لانه لما سكن الحرف الذي في اول الفعل جعلوا فيه هذه الالف ليصلوا الى الكلام به اذا استأنفوا. وكل هذه الالفات (٢ء) اللواتي في الفعل اذا استأنفتهنّ مكسورات، فاذا استأنفت قلت ﴿اهْدِنَا الصّرَاطَ﴾، ﴿ابْنِ لِي﴾، ﴿اشْتَرُواْ الضَّلاَلَةَ﴾، الا ما كان منه ثالث حروفه مضموما فانك تضم أوله اذا استأنفت، تقول: ﴿ارْكُضْ بِرِجْلِكَ﴾، وتقول ﴿اذْكُرُواْ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ . وانما ضمت هذه الالف اذا كان الحرف الثالث مضمومًا لانهم لم يروا بين الحرفين إلا حرفًا ساكنا، فثقل عليهم ان يكونوا في كسر ثم يصيروا الى الضم. فارادوا أن يكونا جميعًا مضمومين اذا كان ذلك لا يغير المعنى. وقالوا في بعض الكلام في "المُنْتِن": مِنْتِن". وانما هي من ""أنتن" فهو "مُنْتِن"، مثل "أكرم" فهو "مُكْرِم". فكسرو الميم لكسرة التاء. وقد ضم بعضهم التاء فقال "مُنْتُن" لضمة الميم. وقد قالوا في "النَقِد": "النِقِد" فكسروا النون لكسرة القاف.

1 / 4

وهذا ليس من كلامهم الا فيما كان ثانيه احد الحروف الستة نحو "شعير". والحروف الستة: الخاء والحاء والعين والغين والهمزة والهاء وما كان على "فُعِلَ" مما في أوله هذه الالف الزائدة فاستئنافه ايضًا مضموم نحو: ﴿اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ﴾ لان أول "فُعِلَ" ابدًا مضموم، [٢ب] والثالث من حروفها ايضًا مضموم. وما كان على "أَفعَلُ أنا" فهو مقطوع الالف وإن كان من الوصل، لأن "أَفْعَلُ" فيها ألف سوى ألف الوصل، وهي نظيرة الياء في "يَفْعَل". وفي كتاب الله ﷿ ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾، و﴿أَنَاْ آتِيكَ بِهِ﴾ و﴿وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي﴾ . وما كان من نحو الالفات اللواتي ليس معهن اللام في أول اسم، وكانت لا تسقط في التصغير فهي مقطوعة تكون في الاستئناف على حالها في الاتصال نحو قوله: ﴿هَذَآ أَخِي لَهُ تِسْعٌ﴾، وقوله ﴿يَاأَبَانَآ﴾، وقوله، ﴿إِنَّهَا لإِحْدَى الْكُبَرِ﴾،

1 / 5

و﴿قَالَتْ إِحْدَاهُمَا﴾ ﴿حَتَّى إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ﴾، لانها اذا صغرت ثبتت الالف فيها، تقول في تصغير "إحدى": "أُحَيْدى"، و"أحَد": "أُحَيْد"، و"أَبانا": "أُبَيُّنا" وكذلك "أُبَيّانِ" و"أُبَيُّونَ". وكذلك [الالف في قوله] ﴿مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ﴾ و﴿أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا﴾، لانك تقول في "الأنصار": "أُنَيْصار"، وفي "الأنباءِ": "أُبَيْناء" و"أُبَيْنُون". وما كان من الالفات في أول فعل أو مصدر، وكان "يَفْعل" من ذلك الفعل ياؤه مضمومة، فتلك الالف مقطوعة. تكون في الاستئناف على حالها في الاتصال، نحو قوله ﴿بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾، لأنك تقول: "يُنْزَل". فالياء مضمومة. و﴿رَبَّنَآ آتِنَا﴾ تقطع لان الياء مضمومة، لأنك تقول: "يُؤْتِى". وقال ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ و﴿وَإِيتَآءِ ذِي الْقُرْبَى﴾ لأنك تقول: "يُؤتِي"، و"يُحْسِن" [٣ء] . وقوله: ﴿وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي﴾، و﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ﴾ فهذه موصولة لأنك تقول: "يَأتي"، فالياء مفتوحة. وانما الهمزة التي في قوله: ﴿وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ﴾ همزة كانت من الاصل في موضع الفاء من الفعل، الا ترى انها ثابتة في "أتيت" وفي "أتى" لا تسقط. وسنفسر لك الهمز في موضعه إن شاء الله. وقوله: ﴿آتِنَا﴾ يكون من "آتى" و"آتاه الله"، كما تقول: "ذهب" و"أذهبه الله" ويكون على "أَعطنا". قال ﴿فَآتِهِمْ عَذَابًا﴾ على "فَعَل"و"أَفْعَلَهُ غيرُه".

1 / 6