212

Macani al-ahbar

مcاني الأخبار

Investigator

محمد حسن محمد حسن إسماعيل - أحمد فريد المزيدي

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٠هـ - ١٩٩٩م

Publisher Location

بيروت / لبنان

وَكَذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِعَائِشَةَ رِضَى اللَّهُ عَنْهَا وَسَمِعَهَا تَدْعُو عَلَى سَارِقٍ سَرَقَهَا، فَقَالَ: " لَا تَسْتَجْنِي عَنْهُ بِدُعَائِكِ عَلَيْهِ رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ رِضَى اللَّهُ عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. وَفَسَّرَ أَبُو عُبَيْدٍ قَوْلَهُ ﷺ: «لَا تَسْتَجْنِي» لَا تُخَفِّفِي عَنْهُ، فَقَوْلُهُ ﷺ لِعَائِشَةَ ﵂ «لَا تَسْتَجْنِي عَنْهُ» زَجْرٌ لَهَا عَنِ الِانْتِقَامِ وَالِانْتِصَارِ مِنَ السَّارِقِ غَيْرَ أَنَّهُ أَتَاهَا مِنْ أَلْطَفِ الْوُجُوهِ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي أَوَّلِ مَا أَصَابَهَا فَثَقُلَتْ لِذَلِكَ وَأَرْمَضَتْ فَخَشِيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ إِنْ سَأَلَهَا أَنْ لَا تَدْعُوَ عَلَى سَارِقَهَا وَتَعْفُوَ عَنْهُ لَمْ تَسْنَحْ نَفْسُهَا لِذَلِكَ، وَلَمْ تُطَاوِعْهَا، فَأَخْبَرَهَا أَنَّهَا تُخَفِّفُ عَنْهُ بِدُعَائِهَا عَلَيْهِ، وَهِيَ تَرَى أَنَّهَا تُقْبِلُ عَلَيْهِ، وَتُرِيدُ الِانْتِقَامَ مِنْهُ بِأَغْلَظِ الْعُقُوبَةِ وَأَشَدِّ الْعَذَابِ، فَقَالَ لَهَا: تُرِيدِينَ التَّغْلِيظَ وَأَنْتِ تُخَفِّفِينَ بِدُعَائِكِ عَلَيْهِ عَنْهُ لِتَطِيبَ نَفْسُهَا بِتَرْكِ الدُّعَاءِ عَلَيْهِ، وَلَا تَدْعُوَ عَلَيْهِ، وَهِيَ إِذَا تَرَكَتِ الدُّعَاءَ عَلَيْهِ وَالتَّتَبُّعَ لَهُ وَأَخْذَ الظُّلَامَةِ مِنْهُ فَقَدْ عَفَتْ عَنْهُ فَوَجَبَ أَجْرُهَا عَلَى اللَّهِ ﷿. فَأَشْفَقَ ﷺ عَلَيْهَا فَأَحَبَّ أَنْ لَا يُحَرَّمُ أَجْرُهَا عَلَى اللَّهِ ﷿، وَالشَّفَقُ عَلَى سَارِقِهَا أَنْ يُؤَاخَذَ بِجِنَايَتِهِ عَلَيْهَا بِدُعَائِهَا عَلَيْهِ فَصَرَفَهَا عَنِ الِانْتِقَامِ وَالِانْتِصَارِ بِأَلْطَفِ الْوُجُوهِ، وَدَعَا إِلَى الْعَفْوِ الَّذِي أَحَبَّهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ ﵊. وَلَيْسَ قَوْلُهُ ﷺ: «لَا تَسْتَجْنِي عَنْهُ» كَرَاهَةَ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُ بَلْ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى الْعَفْوِ وَنَدْبٌ إِلَى التَّجَاوُزِ، وَكَيْفَ يَكْرَهُ التَّخْفِيفَ عَنِ الظَّالِمِ، وَهُوَ إِلَى ذَلِكَ يَدْعُو إِلَيْهِ وَيَحُثُّ بِقَوْلِهِ ﷺ: «مَا عَفَا رَجُلٌ عَنْ مَظْلِمَةٍ إِلَّا زَادَهُ اللَّهُ بِهَا عِزًّا» يَتْلُو عَلَيْهَا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ ﷿ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ [النور: ٢٢]، وَقَوْلِهِ ﷿ ﴿إِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ﴾ [الشورى: ٣٧]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿ولَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ [الشورى: ٤٣]
وَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ رِضَى اللَّهُ عَنْهَا: مَا رَأَيْتُ ⦗٣١٠⦘ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مُنْتَصِرًا مِنْ مَظْلِمَةٍ قَطُّ غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا انْتُهِكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ ﷿ كَانَ أَشَدَّهُمْ فِي ذَلِكَ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، قَالَ: ح يَحْيَى قَالَ: ح يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي قَيْسٌ، وَحَمَّادُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رِضَى اللَّهُ عَنْهَا

1 / 309