129

[ذكر طرف من أخبار حجر بن عدي - رضي الله عنه -]

وأما حجر بن عدي الكندي: فكان من حديثه أن المغيرة بن شعبة كان لا ينام عن شتم علي -عليه السلام- وشتم أصحابه والعيب لهم، والترحم على عثمان وأصحابه، وكان حجر بن عدي إذا سمع ذلك يقول: إياكم لعن الله وذم، وأشهد أن من تذمون أحق بالفضل والتقدم، ومن تمدحون أولى بالذم، فلما كان في آخر زمن المغيرة؛ فنال من علي، وقال في عثمان ما كان يقول؛ قام حجر وصاح: إنك لا تدري بمن تولع، مر لنا بأرزاقنا وأعطياتنا فقد حبستها عنا، وأصبحت مولعا بذم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ومدح المجرمين وتقريضهم؛ فقام معه نحو ثلاثين ألفا، يقولون: صدق حجر؛ فدخل المغيرة بيته، فجاءه قومه قائلين له: علام تترك هذا الرجل يجتري عليك في سلطانك؟ ثم إن بلغ معاوية سخط عليك؛ فقال لهم: إني قد قتلته إنه سيأتي أمير بعدي فيحسبه مثلي فيصنع به مثل ما صنع بي فيقتله، وأنا فقد اقترب أجلي؛ فلا أقتل خير أهل هذا المصر.

فلما ولى معاوية زياد بن أبيه الكوفة خطب فقال: أما بعد:

فإن غب البغي وخيم، إن هؤلاء حمر فاشروا وأيم الله لئن لم تستقيموا لأداوينكم بدوائكم، ولست بشيء إن لم أحم ناحية الكوفة من حجر بن عدي، وأدعه نكالا لمن بعده، ويل أمك يا حجر، سقط العشاء بك على سرحان.

Page 221