209

Lessons by Sheikh Al-Albani

دروس للشيخ الألباني

Genres

الابتعاد عن الاختلاف الذي يفرق الصف ويشتت الشمل قلت: يجب أن نشكر ربنا ﷿ على أن هدانا إلى هذا الطريق الذي لا ثاني له، ومن شُكرِه ﷿ أن نبتعد عن الاختلاف الذي يفرق الصف ويشتت الشمل؛ ذلك لأننا نعلم جميعًا أن الاختلاف في الدين ليس من شيم المسلمين، ولا من نهجهم ولا من طريقتهم، بل هو من شأن الكافرين المشركين، كما قال رب العالمين ﵎ في كتابه الكريم: ﴿وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ [الروم:٣١-٣٢] . الواقع المؤسف شديد الأسف أن هذه الآية تنطبق، أو على الأقل تكاد تنطبق على كثير من المسلمين اليوم، الذين يختلفون بعضهم مع بعض أشد الاختلاف؛ بحيث أنهم انقسموا إلى مذاهب شتى وأحزاب كثيرة، وصدق فيهم قول ربنا ﷿: ﴿كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ [الروم:٣٢] فيجب أن نبتعد عن الاختلاف مع بعضنا البعض خشية أن نقع في هذه الفرقة التي ليست من طبيعة المسلمين، وإنما هي من سجية الكافرين المشركين. أقول هذا وأنا أعلم أن الخلاف أمر لا منجاة منه؛ ذلك لأن الله ﷿ خلق الناس متفاوتين في أفهامهم، وفي مداركهم، وفي قدراتهم، وفي فهم نصوص الكتاب والسنة، فلا بد من أن يقع شيء من الاختلاف بين أفراد الاتجاه الواحد والخط المستقيم، ومثاله أصحاب رسول الله ﵌، فقد كانوا متفقين في عقائدهم وفي جميع مسائلهم الفقهية، ولكن من جهة أخرى كانوا مختلفين في بعض المسائل الفرعية؛ إلا أن هذا الاختلاف لم يؤد بهم إلى أن ينقسموا إلى أحزاب وإلى مذاهب متفرقة، وهذا التفرق هو الذي يحمل المتفرقين على أن يعادي بعضهم بعضًا، وأن يشتغل بعضهم بالجهاد في البعض الآخر، فيصرفهم ذلك عن أن يتوجهوا جميعًا صفًا واحدًا إلى محاربة أعداء الله، من الكفار والمشركين والمرتدين عن الدين. لقد كان أصحاب الرسول ﵊ يختلفون في بعض المسائل، لكن ذلك لم يوصلهم إلى التباغض وإلى التدابر الذي نهى عنه الرسول ﵇ في الأحاديث الصحيحة (لا تباغضوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا) هكذا كان أصحاب الرسول ﵌، ولذلك فلا بد أن نجعل من جملة الخط الذي نمشي عليه، هو ما يمكن التعبير عنه أن نتسامح بعضنا مع بعض فيما إذا اختلفنا في فهم نص من كتاب الله أو من حديث رسول الله ﵌، فينبغي أن يعذر بعضنا بعضًا في ذلك؛ لأنه من المستحيل، ويجب أن تكون هذه الفكرة قائمة في عقيدة كل فرد منا؛ لأن الإصلاح لا يقوم على تجاهل الواقع وعلى تجاهل الحقائق، يجب أن نعلم أن الصحابة ﵃ الذين هم خير القرون، كما قال ﵇ في الحديث الصحيح: (خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم) لم يستطيعوا إلا أن يختلفوا في بعض المسائل، وأنتم على ذكر لكثير من هذه المسائل. وحسبكم ما يبتلى به كثير من الناس اليوم مما يقال: إنه مفسد للوضوء أو مبطل للصلاة، وهل مس المرأة ينقض الوضوء أو لا ينقض؟ وهل خروج الدم يفسد الوضوء أو لا يفسد؟ ونحو ذلك، فهل وصل بهم الأمر إلى أن يمتنع أحدهم من الصلاة وراء أخيه المسلم لأنه يخالفه في رأيه؟!

16 / 4