Lawāmiʿ al-Anwār al-Bahiyya wa-Sawāṭiʿ al-Asrār al-Athariyya li-sharḥ al-Durra al-Muḍiyya fī ʿaqd al-Firqa al-Marḍiyya
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
Publisher
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
Edition Number
الثانية
Publication Year
1402 AH
Publisher Location
دمشق
Genres
العقائد والملل
مَا بُيِّنَ فِيهِ مِنَ الدَّلَائِلِ الْيَقِينِيَّةِ وَالْأَقْيِسَةِ الْعَقْلِيَّةِ الَّتِي هِيَ الْأَمْثَالُ الْمَضْرُوبَةُ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا﴾ [الكهف: ٥٤] . وَفِي ﴿فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا﴾ [الإسراء: ٨٩]، وَ﴿لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ [البقرة: ٢٢١]، ﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ [الزمر: ٢٨] فَكُلُّ مَا ذَكَرَهُ النَّاسُ مِنْ وُجُوهِ الْإِعْجَازِ فِي الْقُرْآنِ فَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى إِعْجَازِهِ، وَلَا تَنَاقُضَ فِي ذَلِكَ بَلْ كُلُّ قَوْمٍ تَنَبَّهُوا لِمَا تَنَبَّهُوا لَهُ كَمَا فِي كَلَامِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ.
[الفائدة الرابعة القرآن المعجزة العظمى]
(الرَّابِعَةُ): الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ كَلَامُ اللَّهِ الْقَدِيمُ، وَنُورُهُ الْمُبِينُ، وَحَبْلُهُ الْمَتِينُ، وَفِيهِ الْحُجَّةُ وَالدَّعْوَةُ، فَلَهُ بِذَلِكَ اخْتِصَاصٌ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ ﷺ قَالَ: " «مَا مِنْ نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ إِلَّا وَقَدْ أُوتِيَ مِنَ الْآيَاتِ مَا آمَنُ عَلَى مِثْلِهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُهُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ".
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي الْفَتْحِ يَعْنِي أَنَّ مُعْجِزَتِي الَّتِي تَحَدَّيْتُ بِهَا الْوَحْيَ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيَّ وَهُوَ الْقُرْآنُ لِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِعْجَازِ الْوَاضِحِ، قَالَ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَصْرَ مُعْجِزَاتِهِ فِيهِ، وَلَا أَنَّهُ لَمْ يُؤْتَ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ مَا أُوتِيَ مَنْ تَقَدَّمَهُ بَلِ الْمُرَادُ الْمُعْجِزَةُ الْعُظْمَى وَالْآيَةُ الْكُبْرَى الَّتِي اخْتُصَّ بِهَا دُونَ غَيْرِهِ ﷺ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ ﵈. انْتَهَى.
وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَوْنَ دَعْوَةِ النَّبِيِّ ﷺ الَّتِي هِيَ شَرِيعَتُهُ الْمَنْعُوتُ بِهَا، فِيهَا مُعْجِزَتُهُ الَّتِي تَحَدَّى الْخَلْقَ بِهَا مِنْ أَعْظَمِ الْآيَاتِ، وَأَبْهَرِ الْمُعْجِزَاتِ، وَأَظْهَرِ الدَّلَالَاتِ. وَلِهَذَا اسْتَمَرَّتْ مُعْجِزَتُهُ الْعُظْمَى بِاسْتِمْرَارِ شَرِيعَتِهِ الْغَرَّاءِ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ وَتَنْبِيهٌ وَإِيمَاءٌ وَتَنْوِيهٌ إِلَى أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ الْأَمِينَ خَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، فَشَرِيعَتُهُ دَائِمَةٌ مَا دَامَ الْمَلَوَانِ، وَمُعْجِزَتُهُ بَاقِيَةٌ مَا كَرَّ الْجَدِيدَانِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
[الفائدة الخامسة مناسبة المعجزة للعصر الذي وقعت فيه]
(الْخَامِسَةُ): كَانَ الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَأْتُونَ بِالْمُعْجِزَاتِ الْبَاهِرَةِ، وَالْآيَاتِ الظَّاهِرَةِ، لِأَقْوَامِهِمُ الْكَافِرَةِ، وَأُمَمِهِمُ الْفَاجِرَةِ، فَكَانَ كُلُّ نَبِيٍّ تَقَعُ مُعْجِزَتُهُ مُنَاسِبَةً لِحَالِ قَوْمِهِ، كَمَا كَانَ السِّحْرُ فَاشِيًا عَنْدَ فِرْعَوْنَ، فَجَاءَ مُوسَى بِالْعَصَا عَلَى صُورَةِ مَا يَصْنَعُ السَّحَرَةَ، لَكِنَّهَا تَلَقَّفَتْ مَا صَنَعُوا فَبُسُّوا وَانْصَدَعُوا، وَاحْتَارُوا وَانْقَمَعُوا، وَعَلِمُوا أَنَّ مَا جَاءَ بِهِ مُوسَى هُوَ الْحَقُّ الْيَقِينُ ﴿فَأُلْقِيَ
1 / 177