بسم الله الرحمن الرحيم وبه ثقتي كتاب الطهارة وفيه فصول:
الأول في الوضوء وفيه أبحاث:
الأول: يجب الوضوء للصلاة الواجبة والطواف الواجب، والمشهور وجوبه لمس كتابة القرآن إن وجب. والمندوب ما عداه. والمشهور وجوب الوضوء لغيره، وقيل بوجوبه لنفسه عند وجود بعض أسبابه (1). وهو غير بعيد نظرا إلى الدليل، لكن نقل جماعة من الأصحاب الإجماع على خلافه (2).
الثاني: أسباب الوضوء: خروج البول والغائط والريح من الموضع المعتاد، والنوم الغالب على الحاستين، ويلحق به كل ما أزال العقل من جنون أو إغماء أو سكر عند الأصحاب، لا أعرف خلافا فيه بينهم، لكن في دليله تأمل.
Page 14
ومن أسباب الوضوء الاستحاضة القليلة، ولا يوجب الوضوء شيء آخر غير ما ذكرناه.
الثالث: في كيفية التخلي، يجب فيه ستر العورة، والمشهور تحريم استقبال القبلة واستدبارها، والقول بالكراهة غير بعيد، والظاهر أن المراد الاستقبال والاستدبار بجميع البدن.
ويجب غسل مخرج البول بالماء خاصة والأحوط اعتبار الغسلتين، والثلاث أكمل.
ويجب غسل مخرج الغائط بالماء خاصة مع التعدي حتى ينقى، ومع عدمه يتخير بين الماء وبين ثلاثة أحجار طاهرة وشبهها مزيلة للعين، ولو لم ينق بالثلاثة وجب الزائد، ولو نقي بالأقل وجب الإكمال على المشهور; وقيل: لا يجب (1) وهو الأقرب والماء أفضل، والجمع أكمل.
والمندوبات: تغطية الرأس، والتسمية، والاستبراء، والدعاء دخولا وخروجا، وعند الاستنجاء، وعند الفراغ منه.
ويكره الجلوس في الشوارع والمشارع، وفيء النزال، وتحت الأشجار المثمرة، ومواضع اللعن، واستقبال جرم النيرين واستقبال الريح واستدبارها، والبول في الصلبة، وفي ثقوب الحيوان، وفي الماء، والبول قائما، والتطميح بالبول، والسواك، والاستنجاء باليمين، وباليسار وفيها خاتم عليه اسم الله تعالى، والحق به أسماء الأنبياء والأئمة (عليهم السلام)، والكلام بغير الذكر والحاجة وآية الكرسي وحكاية الأذان.
الرابع: يجب في الوضوء النية، ويكفي فيها القربة، والأقوى عدم وجوب نية الوجوب والاستباحة أو الرفع; ويجب استدامتها حكما إلى الفراغ ويتضيق وقت النية عند غسل الوجه.
ويجب غسل الوجه بما يسمى غسلا من قصاص شعر الرأس إلى محادر
Page 15
الذقن طولا، وما دارت عليه الإبهام والوسطى عرضا من مستوي الخلقة، وغيره يحال عليه. والمشهور أنه لا يجوز الغسل منكوسا، وعند السيد المرتضى استحباب ذلك (1) وهو غير بعيد. ولا يجب تخليل اللحية وإن خفت على الأقوى، نعم يجب غسل البشرة الظاهرة في خلال الشعور.
وغسل اليدين من المرفقين إلى أطراف الأصابع، ويدخل المرفقين في الغسل، ولو نكس بطل الغسل على المشهور خلافا للسيد. والظاهر أنه يجب غسل الشعور في اليد.
ويجب مسح بشرة مقدم الرأس أو شعره المختص به بأقل اسمه، والأقرب عدم وجوب المسح مقبلا، والمشهور استحباب ذلك.
ويجب مسح بشرة الرجلين بأقل اسمه من رؤوس الأصابع إلى الكعبين، والمشهور وجوب الاستيعاب الطولي وهو غير ثابت، لكنه أحوط، والأولى أن يمسح بتمام كفه والكعبان قبتا القدمين على الأقرب، وقيل مجمع القدم وأصل الساق (2) والأقرب جواز المسح منكوسا، ولا يجوز المسح على حائل إلا للتقية والضرورة.
والمشهور أنه يجب مسح الرأس والرجلين ببقية نداوة الوضوء، خلافا لابن الجنيد (3).
ويجب الترتيب إلا في الرجلين، والموالاة، وهي أن يغسل كل عضو قبل أن يجف ما تقدمه على الأشهر الأقرب. والأقرب أن المبطل جفاف جميع الأعضاء السابقة لا البعض.
وذو الجبيرة إن تمكن من مراعاة الغسل أو المسح الواجب فعل، وإلا أجزأه المسح عليها، وصاحب السلس يتوضأ لكل صلاة على الأشهر الأقرب.
Page 16
والأحوط عدم تثنية الغسلات، بل الأحوط الاكتفاء بغرفة للوجه وغرفتين لليدين.
ويستحب: التسمية والدعاء عند كل فعل، وغسل اليدين من الزندين قبل أن يدخلهما الإناء، مرة من حدث النوم والبول، ومرتين من الغائط، والمضمضة والاستنشاق، والبدأة للرجل بظاهر الذراع عكس المرأة، والوضوء بمد.
ويكره: الاستعانة، والمشهور كراهية التمندل، خلافا للمرتضى (رحمه الله) (1) وهو المسح بالمنديل، فلا يلحق به غيره، اقتصارا على مورد النص. ويحرم التولية اختيارا.
ولو تيقن الحدث وشك في الطهارة توضأ، وكذا لو تيقنهما وشك في المتأخر على الأشهر الأقرب، ولو شك في شيء منه وهو على حاله أعاد العضو المشكوك فيه مع ما بعده رعاية للترتيب، ولو تيقن الطهارة وشك في الحدث لم يلتفت، ولا فرق بين أن يكون الحدث مشكوكا أو مظنونا. ولو شك في شيء منه بعد الانصراف لم يلتفت.
الفصل الثاني في الغسل وفيه أنظار:
الأول: الأغسال الواجبة غسل الجنابة، والحيض، والاستحاضة مع غمس القطنة، والنفاس، وغسل الأموات، وغسل مس الأموات من الناس بعد برده بالموت وقبل الغسل على المشهور. وما عدا ذلك مستحب.
Page 17
النظر الثاني في الجنابة وهي تحصل للرجل والمرأة بإنزال المني مطلقا، وبالجماع في قبل المرأة حتى تغيب الحشفة، وفي دبر المرأة كذلك على المشهور، خلافا للشيخ (1) وللأول رجحان ما، وفي وجوب الغسل بوطء الغلام تردد، والأشهر الوجوب، والموطوءة قبلا كالواطئ، وفي الدبر تردد.
ولو اشتبه المني اعتبر بالشهوة والدفق وفتور الجسد، وفي المريض لا يعتبر الدفق، ولا يجب الغسل إلا مع اليقين بالسبب، ولا يكفي الظن.
ويحرم عليه قراءة العزائم بلا خلاف، والمذكور في الرواية السجدة (2) والمشهور السورة. وذكر المتأخرون من جملتها قراءة البسملة بقصد إحداها، ومس كتابة القرآن على المعروف المدعى عليه الإجماع من جماعة، والمشهور تحريم مس شيء مكتوب عليه اسم الله تعالى أو أسماء الأنبياء أو الأئمة (عليهم السلام).
ويحرم عليه اللبث في المساجد على المشهور الأصح ووضع شيء فيها على الأشهر الأقوى، ويحرم عليه الاجتياز في المسجدين.
ويكره الأكل والشرب إلا بعد المضمضة والاستنشاق على المعروف، وفي بعض الروايات الصحيحة: يغسل يده أو يتوضأ، والوضوء أفضل (3) وفي بعضها:
غسل يده وتمضمض وغسل وجهه وأكل (4) ويكره له مس ما عدا المكتوب من المصحف على الأشهر الأقرب، وحرمه المرتضى (رحمه الله) (5) والنوم إلا بعد الوضوء، والخضاب، وقراءة ما زاد على سبع آيات على الأقرب، وتشتد الكراهة فيما زاد على سبعين آية.
Page 18