113

Kifāḥ Ṭība

كفاح طيبة

Genres

فنظرت إليه بمودة وسألته: أكنت تنوي أن تهديه إلي؟

فقال: إني أدخر لك ما هو أثمن منه وأجمل.

فقالت: فكيف تأسف عليه إذن؟

فقال وهو يجهد أن يخرج صوته طبيعيا هادئا: إنه يذكرني بأيام الكفاح الأولى، حين خرجت أطلب طيبة متخفيا في ثياب التجار داعيا نفسي إسفينيس، فكان فيما أعرض على الناس للشراء .. فيا للذكرى الجميلة .. نيفرتاري، أود أن تدعيني إسفينيس، فهو اسم أحبه وأحب عهده وأحب من يحبه.

وأدار الملك وجهه ليخفي ما ارتسم عليه من التأثر والحنين، فابتسمت الملكة بسرور، ولاحت منها نظرة إلى الأمام فرأت على البعد ضوء مشعل يتحرك في بطء، فقالت وهي تشير بيدها: انظر إلى هذا المشعل!

فألقى أحمس بصره إلى حيث تشير، ثم قال: هذا مشعل في قارب يسبح قريبا من الحديقة.

وكأن صاحب القارب تعمد أن يدنو من حديقة القصر ليسمع أهله القادمين جمال صوته، فيحييهم وحده بعد أن حيتهم طيبة جميعا، فرفع عقيرته متغنيا في سكون الليل يردد سجعه مزمار: «كم رقدت في غرفتي منذ سنين» «أعاني ألم داء وجيع» «فعادني الأهل والجيران» «وزارني العرافون والأطباء» «فأعيا الداء أطبائي وجيراني» «حتى جئت أنت يا حبيبي» «فبرع سحرك الطب والرقى» «لأنك أنت تعرف سر دائي»

وكان صوته جميلا يأخذ السمع، فأنصت أحمس ونيفرتاري، وكانت الملكة ترنو إلى ضوء المشعل بعطف وحنان، وكان الملك ينظر إلى ما بين قدميه بعينين شبه مغمضتين، تنوح في قلبه الذكريات.

Unknown page