Khatim Nabiyyin
خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم
Publisher
دار الفكر العربي
Publisher Location
القاهرة
Genres
اليد السفلى» وقوله فى الأمر لا يختلف فيه «ولا ينطح فيه عنزان» وقوله ﵊ فى توزيع خيرات الله تعالى فى أرض الله، كل أرض بحصتها من الرزق: «كل أرض بسمائها» وقوله فى الرفق بالنساء وقد سار السائق يسوق رحالهن بعنف: «رويدك رفقا بالقوارير» .
وإن هذه التعابير جلها جديد فى العربية لم يسبق بها فى قول قائل، وهى واضحة المعنى بينة المقصد، لا تعلو على العامة، ولا تجفو عنها اذان الخاصة، بل كل الناس يجد فيها علما لم يكونوا به عالمين.
(ج) أن كلامه ﵊ من جوامع الكلم، فيه حكمة، وفيه ألفاظ قليلة ومعان جديدة لم تكن معروفة. انظر إلى قوله ﵊، وقد سئل: أنحاسب على ما تنطق به ألسنتنا. فقد قال ﵊ مجيبا، «وهل يكب الناس على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم» وقوله فى صلة الرحم عند المنابذة والقطيعة: «ليس الواصل بالمكافيء، إنما الواصل من يصل رحمه عند القطيعة»، ومثل قوله: «رحم الله عبدا قال فغنم أو سكت فسلم» .
(د) وإنه من الظواهر العامة فى كلامه ﵊ أنه يخاطب العقل والوجدان من غير استكراه للألفاظ أو تكلف فى المعاني، بل كل ذلك يجرى سهلا طيبا قيما. فيه إرشاد وتوجيه، اقرأ قوله ﵊ يدعو المؤمنين إلى أن يكونوا إيجابيين فى أقوالهم وأفعالهم، لا يتبعون من غير تفكير:
«لا يكن أحدكم إمعة يقول إن أحسن الناس أحسنت وإن أساؤا أسأت، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس تحسنوا، وإن أساؤا فتجنبوا الإساءة» .
(هـ) خلو كلامه ﵊ من الصناعة البديعية، فهو بديع فى ذاته من غير صناعة، وقد يجيء أحيانا فى كلام الرسول بعض السجع، ولكنه سجع غير مقصود، بل هو من إحكام القول، فمثلا قوله ﵊: «رحم الله عبدا قال فغنم أو سكت فسلم» لا شك أن فيه سجعا، أو ما يقرب منه، ولكن التكلف غير موجود، وإن كل لفظ منه موضوع فى معناه، لو أردت أن تغيره ما طاوعك المعني، فهل يمكن تغيير كلمة غنم مع ما فيها من ثروة فى المعانى بغيرها يؤدى مؤداها، ويكون فى إيجازها، ونسقها، وكذلك الأمر إذا أردت استبدال سلم مع ما يرمى إليه من سلامة العرض واللسان عن لغوه، وتوفير العقل، والابتعاد عن لجاجة القول، فهو ﵊، لا يقول إلا حكما، ولا ينطق إلا فصلا، وتلك غاية قوله، فإن كانت حلية، فهى الحلية التى لا تكلف فيها، ولا استكراه فى نسقها، أو محاولة الصناعة التى تغطى الكلام الفطري، وتغشاه بغواش من ضجيج الأوزان.
1 / 171