195

(( و)) أما (( المبين )) فهو (( مقابله )). أي: مقابل المجمل، وهو: ما يفهم المراد به تفصيلا. وكما انقسم المجمل إلى مفرد، ومركب. فكذلك مقابله، وهو المبين قد يكون مفردا، قد يكون مركبا، وقد يكون في الفعل أيضا، وقد يكون فيما سبق له إجمال، وهو واضح، وقد يكون فيما لم يسبق، كمن يقول ابتداء:{ والله بكل شئ عليم}.

والبيان يطلق على معنيين:

أعم. وهو فعل المبين. أي: التبيين، كالسلام بمعنى التسليم، وذلك كخلق العلوم الضرورية، ونصب الأدلة والأمارات العقلية، والشرعية.

وأخص. وهو المراد (( هنا )). وهو (( ما يبين به المراد بالخطاب المجمل )). وهذا يشمل العلم الضروري، والدلالة، والأمارة. سواء كانتا قولا، أو فعلا.

(( و)) اعلم أنه (( يصح البيان )) للمجمل (( بكل )) واحد (( من الأدلة )) والأمارات (( السمعية )). وهي: الكتاب، والسنة المقالية، والفعل، والتقرير، والإجماع، والقياس.

أما الكتاب، والسنة المقالية، والإجماع، فلا خلاف في صحة البيان بها.

وأما الفعل، والتقرير، والقياس فيصح البيان بها على المختار.

ومنهم: من منع من البيان بالفعل. لأنه لا ظاهر له، وإنما البيان بما تضمنه من القول الذي يؤخذ منه.

ومنهم: من منع من البيان بالتقرير. قال: لأن دلالته ضعيفة لاحتماله.

والصحيح هو الأول. بدليل رجوع الصحابة إليهما. أي: إلى فعله صلى الله عليه وآله وسلم، وتقريره، في بيان المجملات، واعتمادهم عليهما كاعتمادهم ورجوعهم إلى قوله في ذلك، من غير فرق.

وأيضا مشاهدة الفعل أدل في بيانه من الإخبار عنه. ولذا قيل في المثل النبوي: ( ليس الخبر كالمعاينة ).

Page 174